دعا جلالة الملك، محمد السادس، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية، إلى الرفع من الدعم العمومي المخصص للأحزاب السياسية، ويمكن القول إن هذا الإعلان الهام، يحمل ثلاثَ رسائل، مرتبطة بدور الأحزاب في المجتمع والدولة، وبأوضاعها الداخلية، وفيما هو منتظر منها على مستوى مساهماتها الفكرية وقوتها الاقتراحية. فزيادة الدعم العمومي للأحزاب السياسية، تهدف إلى تعزيز أدوارها في المجتمع، خاصة وأن وجودها ضروري في إدارة الشؤون المحلية والجهوية، عن طريق الجماعات المنتخبة، أو في الجهازين التنفيذي والتشريعي، بالإضافة إلى تواجدها في عدد من الهيئات الأخرى، ولا يمكن تصور أي ممارسة ديمقراطية بدون أحزاب قوية وقادرة على المشاركة في تدبير الشؤون العامة، وفي المراقبة والمتابعة وتطوير الجدل السياسي وانتقاد الأوضاع وتقديم البدائل. غير أن الخطاب الملكي، ربط بين هذه الزيادة، ومسألتين أساسيتين: الأولى، تتعلق بتجديد أساليب العمل، والرفع من أداء الأحزاب ومساهمتها في جودة التشريعات والسياسات العمومية، وهو ما تحتاجه بلادنا بقوة، لمواجهة التحديات الداخلية، الاقتصادية والديمغرافية والسوسيولوجية، وكذا تحديات المحيط الإقليمي والدولي. الثانية، ترتبط أيما ارتباط بالموارد البشرية القادرة على الإنتاج الفكري وإنجاز الدراسات والأبحاث والمساهمات، التي من المفترض أن تقدمها الأحزاب للدولة والمجتمع، لذلك اشترطت دعوة جلالة الملك، الزيادة في الدعم، بتخصيص جزء منه للكفاءات والطاقات التي تشتغل في مجالات التفكير والتحليل والابتكار. من الواضح أن مشروع زيادة الدعم العمومي للأحزاب، يتميز بدعوة صريحة لتنمية دورها وتحسين جودة منتوجها، على الصعيد الكيفي، بالخصوص، أي بتطوير مساهماتها الفكرية والاقتراحية، وهذا ورش من الأهمية بمكان، لأن الأحزاب الديمقراطية، ليس في المغرب وحده، بل في العالم، لعبت دوراً كبيراً في إنتاج الأفكار والمشاريع المجتمعية والتصورات الكبرى، بالإضافة إلى مساهمتها في الهيئات المنتخبة المحلية والوطنية، أو في تدبير الشأن العام ومراقبة السياسات العمومية.