كلمة المواطنة citoyennté –citizensphip مشتقة في اللغات الأجنبية من كلمات city – cité التي تعني المدينة ، وفي هذا الإطار تعد المواطنة انتماء للمدينة بوصفها فضاء مشتركا للتعايش و المساهمة في القرار و تدبير القضايا العمومية ، و في اللغة العربية اشتقت الكلمة من لفظة « وطن « التي تعني في المعجم العربي القديم « المنزل» الذي تقيم فيه ، و كل المعاني « السياسية التي لحقت هذا المعنى من قبيل الانتماء المشترك للمكان و حضارته و ثقافته و قيمه ، استمدت من المعجم الاجتماعي و السياسي للكلمة ، و هو معجم متعدد الأصول السياسية و القانونية و التاريخية . أما المواطنة في الاصطلاح المعاصر ، فتعني حسب دائرة المعارف البريطانية « علاقة بين فرد و دولة كما يحددها قانون تلك الدولة ، و بما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات و حقوق متبادلة في تلك الدولة . و المواطنة تدل ضمنا على مرتبة من الحرية مع ما يرتبط بها من مسؤوليات . لا تنحصر المواطنة في الاتنماء إلى لبلد ما ( لمجال ترابي ) أو لأمة معينة ن بل هي انتماء قائم على الاعتراف . و إذا استند هذا الاعتراف في تاريخ المجتمعات إلى معايير تختلف باختلاف منظوماتها الثقافية و القيمية ( النبالة و المكانة الاجتماعية ، أو الملكية ، أو الدين ، أو الخصوصية الإثنية و العرقية ..) فقد أصبح في العصر الحديث خصوصا بعد الثورة الفرنسية 1789 ، قائما على معيار الحق الطبيعي و منظومة القيم الأخلاقية و السياسية التي أقامتها نظريات الحق و الفلسفة السياسية تحديدا . في إطار هذه المرجعية و من زاويتها القانونية – السياسية بالذات ، تمنح المواطنة الشخص حقا مشروعا في أن يكون صاحب حقوق مختلفة سياسية و مدنية و ثقافية و اجتماعية un sujet de droit . في مقابل هذه الحقوق ، المؤطرة بقوانين و تشريعات ، تتحدد التزامات التزامات وواجبات المواطنة و على رأسها احترام الفرد للقوانين و الفضاءات العمومية و المشاركة السياسية و الإسهام في الإسهام في الإنفاق العمومي حسب الإمكانيات و الانخراط في حل القضايا و الشؤون العامة و الدفاع عن الوطن ..إلخ . في زمننا الحالي ، فرضت العولمة توسيع مرجعيات المواطنة ، بحيث أصبحنا نتحدث عن المواطنة الفاعلة ، و هي أنشطة عمومية لأفراد و هيئات و مؤسسات و جمعيات منظمة في إطار فضاءات و شبكات للإعلام ، و التحسيس ، و التواصل ، و أعمال تضامنية و تعبوية ، الهدف منها الإسهام التطوعي في التنمية المحلية و الجهوية خصوصا ، و الانخراط في تدارس مشاكل المواطنين و مشاركتهم في بلورة حلول ملائمة لها . في هذا السياق أصبحت المواطنة تطرح ضمن أفق أوسع سوسيو- ثقافي و أخلاقي : فهي تهم الفرد كشخص أخلاقي ، في خصوصياته الجهوية و المحلية الاجتماعية و الثقافية . هنا بالذات ترتبط بقضايا العدالة الاجتماعية ، و الإنصاف ، و الحق في الاستفادة من الثروات ، و الموارد الوطنية بشكل يضمن تكافؤ الفرص . فالمساواة السياسية أمام القانون غير كافية ، و لابد من إكمال المواطنة بالسعي الدائم إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و الإنصاف . أخيرا لابد من الإشارة إلى أن العولمة بقدر ما عززت المفاهيم السياسية و القانونية و الاجتماعية للمواطنة الفاعلة ، بقدر ما خلقت أيضا شروطا جديدة مكنت من مساءلة المواطنة داخل الدولة في أفق التفكير ، و إرساء مقتضيات ما يسمى حاليا بالمواطنة الكونية .