أصبح موضوع «آجال الدفع» أكثر استعجالا في أجندة الحكومة من أي وقت مضى ، وذلك بسبب حالة الركود والاختتناق التي تخيم على ألاف المقاولات الصغرى والمتوسطة والناجمة أساسا عن تماطل الإدارات والمؤسسات العمومية في «الإفراج» عما بذمتها داخل الحيز الزمني الذي يحدده القانون. ويظهر أن الوزير الجديد محمد بنشعبون وضع هذا الملف كأولوية قصوى فوق مكتبه، منذ أن وطأت قدماه مبنى وزارة الاقتصاد والمالية. كيف لا؟ وقد تزامن تعيينه في نفس اليوم مع الخطاب الملكي الذي قال فيه عاهل البلاد «إنه يتعين على الإدارات العمومية، وخاصة الجماعات الترابية، أن تقوم بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات، ذلك أن أي تأخير قد يؤدي إلى إفلاسها، مع ما يتبع ذلك من فقدان العديد من مناصب الشغل. فكيف نريد أن نعطي المثال، إذا كانت إدارات ومؤسسات الدولة لا تحترم التزاماتها في هذا الشأن». وتنفيذا لهذه التعليمات الملكية، خرج بنشعبون بأول إرسالية له عممها على الإدارات ومؤسسات الدولة لإيجاد حلول لمشكل آجال الأداء الذي يؤرق المقاولات ويتسبب في إفلاس عدد كبير منها. وبعد أيام قليلة، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية عن بدء العمل بالمنصة الالكترونية «آجال» المخصصة لاستقبال ومعالجة شكايات الموردين المتعلقة بآجال دفع مستحقاتهم من قبل المؤسسات والشركات العمومية. وذكرت الوزارة في بلاغ لها، أن إطلاق هذه المنصة الإلكترونية وعنوانها https://ajal.finances.gov.ma، جاء وفقا لنهج تشاركي يجمع مختلف المصالح المعنية، سيما الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والمؤسسات والشركات العمومية، وتروم هذه المبادرة تسهيل التبادل والتواصل بين الموردين، والمؤسسات والشركات العمومية، كما تهدف أيضا إلى تحديد أسباب التأخير في الدفع، من أجل تقديم الحلول المناسبة وتحسين آجال الدفع المتعلق بموردي المؤسسات والشركات العمومية. غير أن هذه المنصة تبقى مجرد أداة تكميلية إلى جانب أدوات أخرى سطرتها الحكومة من أجل تضييق الخناق على المؤسسات والمقاولات العمومية المتقاعسة في موضوع آجال الدفع، والتي لا يستبعد أن تظهر جميعها في «رادارات» «مرصد آجال الأداء» الذي أحدثته الحكومة في 18 دجنبر من العام الماضي، والذي من المتوقع أن يتضمن تقريره السنوي الأول من نوعه حصيلة تطور ممارسات المقاولات في مجال أداء الديون والمستحقات المترتبة عليها لدى الممونين والمقاولات الخاصة المتعاملة معها.