«قوي مثل تركي»: ريبورتاج روائي، نص شعري، رورحلة إلى الشرق. كتاب يحتفي بفن مصارعة «الزيت» التركي. كتب هذا النص عام 1985 ونشر في حلقات بصحيفة الباييس، ثم صدر في كتاب بالإسبانية عام 1998. يكتشف القارئ هنا كيف يصبح فعل الرياضة أدبا وفنا. يتصارع الأبطال بعد أن يدهنوا أبدانهم بالزيت. يرصد الراوي أثناء تنقله في المكان المشهد الطبيعي وجغرافيته: يقدم وصفا شعريا للمكان والناس هناك. يصل إلى مدينة أدرنة حيث تقام مباريات المصارعة التركية كل عام. تقتفي العين آثار الأشياء والتفاصيل وكأنها كاميرا تصور المشهد. يحتفي الكتاب برياضة شعبية عريقة، تمتد جذورها في تاريخ القرن الرابع عشر: تراث عريق توارثه الأتراك جيلا بعد جيل عن أجدادهم منذ 652 عاما. كان الأتراك لا يزوجون بناتهم لرجل لا يجيد ركوب الخيل والمصارعة. تروي المصادر أن 40 محاربا من جند السلطان سليمان باشا قد نظموا، خلال استراحة للمحاربين، مسابقة في المصارعة. تواجه متصارعان طوال النهار واستمر التحامهما حتى الليل، تحت ضوء القناديل الزيتية والشموع. لم ينتصر أي منهما: خارت قواهما وماتا متلاحمين. دفنهما رفاقهما تحت شجرة التين، وذهبوا للقتال. لما رجع العسكر وجدوا 40 نبعا قد انبثقت من كان دفنهما. أطلق الأهالي على المنطقة وقتها اسم قيرق بينار (وتعني 40 نبعا). يذكر أن منظمة اليونسكو قد أدرجت «مهرجان مصارعة لازيت التركية» عام 2010 على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. خوان غويتيسولو صاحب فكرة التراث الإنساني اللامادي: صرح المدير السابق لمنظمة اليونسكو فيديريكو مايور في حوا مع مجلة المهد الأوربي للبحر الأبيض المتوسط (عدد 2010/13) بما يلي: «لن أنسى أبدا زيارة قام بها الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو لي في باريس، وعرض علي خلالها فكرته، قال لي: «بذات الطريقة التي نهتم بالتراث الثقافي والطبيعي، علينا أن نهتم بالتعبيرات الموسيقية، والأدبية أو التعليمية التي عبرها نكتشف الخاصية التي تميز الجنس البشري، أعني خاصية الإبداع، والقدرة علي التفكير والابتكار والتخيل، والتوقع والتجديد. ستستفيد الإنسانية كلها لو تنبهت للقيمة التي تمثلها هذه المنتوجات الثمينة، التي قد أهملت للأسف. لكي »نحصر ما لا يمكن لسمه« ويصبح واقعا، علينا رؤية ما وراء الأحداث اليومية، بعيدا عن التقلبات والتحولات اليومية،. من الضروري تحقيق رؤية قادرة على الجمع بين ما هو محلي وما هو عالمي، ما هو راهن وما هو بعيد، ما هو علي المدى القصير والشعور بالزمن التاريخي». وضع اقتراح غويتيسولو - المتعلق بحكواتيي ساحة جامع الفناء بمراكش- خطة طريق عملية قادت بعد سنوات فيما بعد إلى إقرار الاتفاقية المتعلقة بالتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.