«حلمي هو إدخال التكنولوجيات الحديثة لمدارس القرى المغربية وتطوير مناهج التعليم وفق البيئة الاجتماعية»، بهذه الكلمات لخصت نسرين المريوح التي تعد أطروحة الدكتوراه بجامعة «ليل هامر» النرويجية، طموحها المستقبلي. ونسرين المريوح، التي تبلغ من العمر 25 سنة، هي أصغر طالبة دكتوراه في جامعة «ليل هامر» النرويجية العريقة التي تكون في فصولها العديد من الأطر النرويجية في المجالات الاجتماعية والتربوية وفي علم النفس وعلم الاجتماع. وتعد نسرين أول مغربية طالبة دكتوراه في جامعة «ليل هامر» بالنرويج، والوحيدة ضمن طاقم البحث المنحدرة من المنطقة العربية. ويوجد نحو 30 باحثا في مسلك الدكتوراه في جامعة «ليل هامر»، ضمنهم 20 شخصا من معدي أطروحة الدكتوراه ضمن مشروع «الشباب وتطوير الكفاءات» لمركز البحث حول الأطفال وكفاءات الشباب في الجامعة. وتنخرط المريوح ضمن مشروع نموذجي هو نتاج شراكة بين جامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة «ليل هامر» النرويجية يهم مجالات متعددة خاصة بالتنمية القروية وتطوير سبل عيش سكان القرى. وتشتغل المريوح على مشروع ل»مركز أبحاث تنمية مهارات قدرات الأطفال والشباب» بالجامعة النرويجية حول طرق إدخال التكنولوجيات الحديثة ليستفيد منها أطفال قرية آيت عبدي بإقليم الحوز، وفق دراسة ميدانية. وتجري أشغال البحث في الجامعة تحت إشراف الدكتور النرويجي بير نايغرين وهو أيضا أستاذ علم النفس بها ومتابعة من مصطفى عيشان الأستاذ بجامعة القاضي عياض، حيث من المنتظر أن ينتهي المشروع الذي بدأ سنة 2013، خلال سنة 2016. وتؤكد المريوح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف من هذا البحث الميداني هو إيجاد الكيفية المناسبة لاستفادة أطفال القرية من الوسائل التعليمية الحديثة انطلاقا من حاجياتهم الأساسية وقدراتهم التربوية وخصوصياتهم الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية. واعتبرت المريوح، الحاصلة على إجازتين الأولى في الدراسات الانجليزية والثانية في السياحة والثقافة، إضافة إلى ماستر متخصص في السياحة والتراث والتنمية المستدامة، أن المشروع أولي يتطلع إلى آفاق أرحب من أجل التنمية القروية بالمغرب. وأبرزت أن طموحها هو الاستفادة من التجربة والخبرة النرويجية في المجال العلمي والتنموي، والرجوع إلى المغرب بخبرة جيدة تستفيد منها المملكة في المجال التربوي والتعليمي، خاصة أن هذا المشروع سيكون نموذجيا يمكن أن يعمم في العديد من المناطق القروية المغربية التي تشكو من مشاكل على مستوى بلوغ درجات من التنمية. وأشارت إلى أنه يتم إجراء البحث الميداني في قرية آيت عبدي بإقليم الحوز (جهة مراكش تانسيفت الحوز)، ودراسة المعطيات المستقاة من الحالات الاجتماعية والمقابلات التي تقوم بها في المختبر البحثي بجامعة «ليل هامر» بالنرويج. وأضافت أن أغلب أفكار البحث أتت من النقاشات التي جرت مع أطفال القرية والسكان المحليين بها، والتي استفادت منها من أجل اختيار المناهج التعليمية المناسبة للتعليم الابتدائي لأطفال القرية وتدريسهم بطريقة عصرية. وأشارت إلى أنه تم إحداث برنامج عبر الحاسوب اسمه «دراغون بوكس» وهو عبارة عن لعبة للأطفال هدفه تنمية قدراتهم في مادة الرياضيات خاصة العمليات الحسابية، وتعليمهم كيفية التعلم بشكل جيد والتنسيق فيما بينهم عبر فرق عمل. وأوضحت أنه يمكن الاعتماد على برنامج «دراغون بوكس» في تعليم مواد الجغرافيا التاريخ والتربية الإسلامية ومختلف اللغات المقررة لتلاميذ التعليمين الإعدادي والثانوي. وقالت المريوح، التي أشرفت مؤخرا على توزيع اللوحات الرقمية «إيباد» بابتدائية ايت عبدي التابعة لمجموعة المدرسية «اهريصن» (جماعة تزارت بالحوز)، إنها تفاجأت بمستوى تلاميذ المدارس الابتدائية في قرية آيت عبدي خلال المقابلات التي أجرتها معهم، مشيرة إلى أنهم يطرحون مشاكلهم بكل دقة ويقدمون مقترحات عملية حول الكيفية التي يمكن أن تكون عليها العلاقة مع أساتذتهم ومحيطهم الاجتماعي والتعليمي. ومن أجل التعرف عن قرب على مشاكل وحاجيات التدريس في القرية، قالت المريوح إنها خلال مجريات البحث الميداني الذي تقوم به تمكث في القرية وتعيش نفس ظروفهم، مشيرة إلى أنها تحرص على التواصل معهم باللغة الأمازيغية المحلية بغية تحقيق مزيد من تطوير التفاعل الإيجابي معهم ولفهمهم أكثر. وبعدما أشارت إلى أن القرية من أفقر قرى منطقة الحوزبمراكش، أكدت المريوح أن سكانها وخاصة التلاميذ بها يعبرون دوما عن الأمل في أن تتطور مدارسهم ويتغلبون على عائق اللغة وغياب الأساتذة. وأكدت أنه تبين من خلال المقابلات المتعددة والزيارات المتكررة للقرية، أن لدى الفتيات على الخصوص إرادة قوية لاستكمال دراساتهن وأنهن لا يرغبن في الزواج المبكر السائد عند بعض سكان القرية.