من الواضح أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ماضية في محاولات تصفية القضية الفلسطينية، فبعد إعلان نقل السفارة الأمريكية للقدس، بادرت إلى توقيف الحصة التي تسددها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، ومقابل ذلك، أعادت طرح مقترح إنشاء كونفدرالية بين جزء من الضفة الغربية، بدون القدس، مع الأردن. ومن المعلوم أن «الأونروا»، توفر خدمات ومساعدات لأكثر من 5,4 ملايين لاجئ فلسطيني، موزعين بين الضفة الغربيةوالقدس الشرقية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، في الوقت الذي تشكك فيه الإدارة الأمريكية ومعها إسرائيل في العدد الحقيقي للاجئين محاولة تقزيم أعدادهم، بهدف القضاء النهائي على حق العودة. وقد أنشئت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في أعقاب النكبة عام 1948، لمساعدة الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم وتشريدهم من طرف الكيان الصهيوني، وإيجاد فرص العمل لهم، لذلك فالقضاء عليها يعني عمليا إنهاء الاعتراف الدولي بقضية اللاجئين الفلسطينيين. ويدخل القرار الأمريكي في إطار خطة شاملة، من أجل الضغط على الفلسطينيين لقبول التصفية النهائية للقضية، حيث كشف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عما عرضه عليه مسؤولون أمريكيون، لإقامة كونفدرالية مع الأردن، خلال محادثات أجراها مع مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، ومبعوث الرئيس الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات. وقد رَدّت القيادة الفلسطينية على هذا المقترح، بالرفض، إذ اعتبرت أن حل الدولتين، بما يعني حق إنشاء دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة سنة 1967، ينبغي أن يسبق أي مشروع آخر، غير أن الضغط الأمريكي على الفلسطينيين سيتواصل، بهدف إقبار شيء اسمه القضية الفلسطينية، وذلك ضمن مخطط لوضع الضفة الغربية تحت وصاية أردنية، وغزة تحت وصاية مصرية، وابتلاع الجزء الأكبر من الضفة، وتكريس القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. وقد وجدت الإدارة الأمريكية والدولة الصهيونية، الظروف مؤاتية لإعادة محاولات التصفية، بهذا الشكل، مستغلة ما يعيشه العالم العربي من تشرذم وتفكك وإنهاك، بسبب الحروب الداخلية والمؤامرات الخارجية، التي أدت إلى تدمير دول وإضعاف أخرى، ضمن فوضى شاملة ومخُطّطٓة.