سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور اطرابلسي محمد الحسن (رئيس قسم المستشفيات بمديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة بوزارة الصحة) .. أكثر من 17 ألف مريض يحتاج لكِلية وعدد المتبرعين بالأعضاء لايتجاوز 900 متبرع
{ بداية لماذا حملة للتبرع بالأعضاء، ومتى انطلقت هذه العملية في المغرب؟ للإجابة عن هذا السؤال ، يجب أن أقدم تقديما يتعلق بعدد المصابين الذين يخضعون لتصفية الدم أو ما يعرف ب «الدياليز» ، وذلك بالقطاعين العام والخاص، والذي يقارب 17 ألف مريض، فمرض الفشل الكلوي المزمن النهائي لا يمكن معه أن يقوم الشخص بأنشطته العادية بصفة مستمرة دون الخضوع لعملية غسل الكلي، وذلك بمعدل 3 حصص أسبوعيا، كل حصة تدوم لأربع ساعات، الأمر الذي يتطلب منا توفير مايناهز 17 ألف كلية، دون احتساب المرضى الذين تتزايد أعدادهم سنويا، والذين يبلغون حسب آخر بحث قامت به وزارة الصحة بشراكة مع الجمعية المغربية لطب الكلي والجمعية الدولية لطب الكلي و منظمة الصحة العالمية، 0.3 في المئة ضمن الساكنة البالغة من العمر ما بين 26 و 70 سنة. إلى جانب الكلي، نجد أنه سنويا يتم إجراء حوالي 500 عملية لزرع القرنية بالمراكز الاستشفائية الأربعة و مستشفى الشيخ زايد، هذا في الوقت الذي تجرى بتونس حوالي 1000 عملية، و 2700 عملية بفرنسا، بينما يقدر الاحتياج بفرنسا بحوالي 8000 عملية. من جهة أخرى يستقبل مستشفى 20 غشت بالدار البيضاء المختص في زرع النخاع العظمي كل سنة 2000 حالة جديدة، إذ تصل نسبة الحالات التي تحتاج إلى هذا النوع بين 15 و 20% (أي بين 300 أو 400 حالة). أمام هذا الخصاص البين ارتأت وزارة الصحة وشركاؤها وضع استراتجية للتواصل حول التبرع، دشنت بلقاء تواصلي وحيد في يونيو2011، حتى شهر ماي 2012 ، حين أقدم وزير الصحة بمعية كل من وزراء العدل و الحريات والأوقاف و الشؤون الإسلامية، على إعطاء انطلاق حملة تحسيسية من أجل التبرع بالأعضاء عند الممات، وقد تم خلال هذا اللقاء الأول الذي انعقد بمقر كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء بحضور رئيس المحكمة الابتدائية للدار البيضاء، فتح سجل التبرع، إذ ناهز عدد المسجلين 100 شخص. أما في ما يخص التبرع من الأحياء لفائدة ذويهم فقد شجعت هذه الحملة على الرفع من عدد العمليات، إذ سجلت سنة 2013 مايناهز 43 عملية زرع الكلي، وسنة 2012 ما مجموعه 36 عملية زرع، بينما لم تسجل في 2011 سوى 18 عملية، إذ لم يتجاوز المعدل السنوي منذ 2008 هذا العدد من العمليات. إلى جانب ذلك ارتفعت نسبة عمليات زرع الكلي لفائدة الأطفال ب 30% مقارنة بالسنة السابقة بالدار البيضاء. كما تم استئناف عملية زرع الكلي بالمركز الجامعي ابن سينا بالرباط بخمس عمليات سنة 2012 و 14 عملية السنة الموالية بعد أن كانت قد توقفت. { كم يبلغ اليوم عدد المتبرعين بأعضائهم البشرية؟ لم يكن يتجاوز عدد المتبرعين المفترضين 800 خلال السنوات العشر السابقة لحملة ماي 2012، لكن بعد ذلك أصبح الناس يتساءلون عن كيفية الإقدام على هذه المبادرة، فسجلت الأيام القليلة الموالية لانطلاقها تقييد 100 شخص. لكن ليس هناك انتظام في الإشعار من لدن المحاكم التي تستقبل الأشخاص المتبرعين. { ما هي الفئة العمرية الأكثر إقبالا على التبرع، وهل من الإناث أو الذكور، وماهي أبرز المناطق جغرافيا؟ لا نتوفر على أية معطيات مدققة حول الفئة العمرية الأكثر إقبالا على التبرع، ولا حول الجنس، سواء تعلق الأمر بالذكور أو بالإناث. لكن التقرير الأولي للبحث الميداني الذي قامت به وزارة الصحة لمعرفة التكلفة التقديرية لرعاية المصابين بالفشل الكلوي النهائي في شتنبر 2012 ، بين أن الذكور هم الأكثر استفادة من عمليات زرع الأعضاء، إذ تبلغ النسبة 75 % ومعدل العمر يقارب 40 سنة. بينما الإناث هن الأكثر تبرعا بحوالي 58 % ومعدل سن المتبرعات يبلغ 48 سنة. { ما الذي أمكن تحقيقه بالأعضاء المتبرع بها؟ أود أن أشير إلى أنه وبالرغم من المجهودات المبذولة، ورغم تنامي التجاوب من طرف المواطنين الذين يتم تحسيسهم، ورغم النجاحات التي عرفتها مختلف العمليات التي قامت بها الأطقم الطبية بالمراكز الجامعية الأربعة ومستشفى الشيخ زايد والمستشفى العسكري بالرباط لإجراء عمليات معقدة، فمازلنا لم نصل بعد لتحقيق التطلعات في ما يخص الإقبال على التبرع، وذلك على الرغم من أنه بفضل التبرع بالأعضاء والأنسجة سواء من الحي للحي، أو من الميت للحي، فقد تم تحقيق انجازات مهمة نذكر منها بالأخص إجراء 190 عملية لزرع الكلي خلال الست سنوات الأخيرة من بين 360 عملية أجريت منذ 1990 ، تاريخ أول عملية زرع. كما تم إجراء ما يفوق 600 عملية زرع القرنية بالمراكز الاستشفائية الجامعية، إضافة لما يفوق 2550 زرع القرنية بمستشفى الشيخ زايد وذلك فقط خلال ال 6 سنوات الماضية. وقد مكنت الأعضاء المتبرع بها من الأموات الفرق الطبية من إنجاز عمليات مهمة أنقذت حياة أكثر من 15 مُتلقيا، وذلك في وقت وجيز. { كيف يمكن لمريض الاستفادة من عضو متبرع به؟ للاستفادة من عضو متبرع به من الميت، هناك لجنة تقنية محلية بالمراكز الجامعية تتلقى الطلبات، وتقوم بإجراء فحوصات طبية وبيولوجية، و بترتيب الأشخاص الذين تم فحصهم ، حسب معايير علمية معمول بها دوليا ومتفق عليها وطنيا، والمنشورة وفقا للمرسوم رقم 225009 في 18 غشت 2009 المحدد لقواعد الممارسة الجيدة. وقد تم مؤخرا عقد اجتماع تحت إشراف السيد الوزير برئاسة السيد الكاتب العام وحضور رئيس المجلس الاستشاري لزرع الأعضاء والأنسجة، ومدراء المراكز الجامعية، وأعضاء الجمعيات العلمية، للاتفاق على وضع لائحة وطنية، وذلك للإجابة عن الحالات التي أصبحت تستدعي أن ينقل عضو من مركز جامعي لآخر. { لحد الساعة هناك الحديث عن تبرع بالكلي والكبد، هل هناك أعضاء أخرى تم التبرع بها وتم زرعها لمرضى؟ إلى حدود اليوم، ليست هناك عمليات لأعضاء أخرى، فنحن لا نعرف فحوى الأعضاء التي تم إعلان نية التبرع بها من طرف المتبرعين. { هناك خوف من إهمال الحالة الصحية لأشخاص متبرعين والتسبب في وفاتهم مقابل الاستفادة من أعضائهم، ما هو تعليقكم على ذلك؟ إن القانون رقم 9816 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها ، وخاصة المادتين 21 و 22 ، واضح في هذا المجال، إذ لا يجوز القيام بعملية أخذ الأعضاء إلا بعد وضع محضر معاينة طبي يثبت وفاة المتبرع دماغيا، على أن تكون أسباب الوفاة خالية من كل الشكوك، ويقوم بوضع محضر المعاينة طبيبان يعينان خصيصا لهذا الغرض من طرف الوزير بعد استطلاع رأي رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية. ولا يجوز بأي حال أن يلحق الطبيبان المذكوران بالفرقة الطبية المكلفة بأخذ أو زرع العضو المأخوذ من الشخص الذي عاينا وفاته. ويتم وضع محضر معاينة الوفاة بناء على علامات سريرية وشبه سريرية متطابقة يحددها وزير الصحة باقتراح من هيئة الأطباء، كما يبين المحضر إثبات الوفاة الدماغية و العلامات التي ارتكز عليها المعاينون. { هل هناك ضمانات قانونية لاستعمال الأعضاء المتبرع بها استعمالا شفافا؟ بالنسبة للضمانات المتوفرة لتمكين المرضى بشكل شفاف من الأعضاء المتبرع بها ، يمكن أن نلخصها في وجود لوائح وضعت بداية بالمركز الجامعي للدار البيضاء بحكم أنه أول مركز يقوم بانتظام بهذا النوع من العمليات من المتبرع الميت للحي، وهناك لجنة علمية تشرف على تطبيق معايير شفافة لترتيب المستفيدين ويتم تحيينها بعد كل عملية. وفي حالة وجود مانع لنقل العضو المتبرع به للمرتب الأول في اللائحة يتم تبريره و إرسال تقرير علمي مفصل عن موانع النقل للمصالح المختصة بإدارة المركز ووزارة الصحة. و يتم الآن الشروع في وضع لائحة وطنية بين المراكز الجامعية بعد أن أصبح هذا النوع من العمليات يجرى بالمراكز الأخرى كذلك، وستكون هذه اللائحة تحت إشراف لجنة علمية ومراقبة من الوزارة الوصية. { كلمة أخيرة؟ الرسالة التي يمكن توجيهها في الختام حول هذا الموضوع، وهي النهي عن نشر الإشاعات خصوصا الحديث عن البيع و الشراء في هذا المجال، لأن القانون المغربي يعتبر من أقوى القوانين على الساحة، ولا يترك أي مجال لهذه الممارسات داخل التراب الوطني. كما تجب الإشارة ، كذلك، إلى ضرورة الاستمرار في التحسيس بأهمية عملية التبرع، في وسط المهنيين بقطاع الصحة أنفسهم قبل عموم المواطنين، ويجب كذلك أن تركز المشاريع التخطيطية للمستشفيات الجامعية على جعل عمليات زرع الأعضاء والأنسجة في صلب اهتماماتها وأن ترصد لها الاعتمادات الضرورية والكافية، وأن تكون موضوع عقد برنامج بين هذه المراكز و الدولة. إضافة إلى ذلك ، علينا أن نعلم أن الفرق الطبية بالمراكز الجامعية لها من الكفاءة ما يؤهلها للقيام بجل عمليات أخذ و زرع الأعضاء الممكنة من الشخص الحي إلى مواطن حي من نفس العائلة، ومن الشخص الميت المتبرع قيد حياته. وأن أغلب الفرق تلقت تكوينا عاليا بفرنسا في إطار برامج التعاون مع الوكالة البيوطبية الفرنسية بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية.