علمت الجريدة من مصادر مطلعة أن قادة أحزاب المعارضة الأربعة التقوا أول أمس مباشرة بعد الندوة الصحفية التي عقدوها بمقر حزب الاستقلال، لقاء بمقر وزارة الداخلية بحضور وزير الداخلية محمد حصاد وكاتب الدولة في الداخلية الشرقي اضريس. وأفادت مصادر الجريدة أن المعارضة التي مثلت بكل من ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، وكل من حميد شباط عن الاستقلال ومحمد لبيض عن الاتحاد الدستوري ومصطفى الباكوري عن الأصالة والمعاصرة. وأبلغ المجتمعون وزارة الداخلية رفضهم المطلق للهيمنة الحكومية في التعاطي مع الملف الانتخابي والذي كان دوما يدار بشكل تشاركي حتى في سنوات الجمر التي عرفها المغرب، مؤكدة أن المغرب عمل دوما بالطريقة التشاركية في تدبير هدا الملف الحساس. وأبلغ وزير الداخلية خلال اللقاء أن المعارضة لا تقبل بأن تم التطاول على دورها الدستوري من طرف الحزب الأغلبي. وفي نفس السياق علمت الجريدة أن اشغال لجنة الداخلية متوقفة بسبب انسحاب المعارضة من أشغالها ليبقى السؤال: هل ستظل الاشغال معلقة في الوقت الذي يستعد البرلمان لمناقشة قانون المالية برسم سنة 2015 والجدل الدائر حوله إذ ترى المعارضة أنه مكرس للإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة وكافة فئات المجتمع المغربي. وكانت المعارضة عقدت أول أمس بمقر حزب الاستقلال وبحضور جميع أمنائها، ندوة صحفية مستعجلة حضرتها مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، حيث قال الكاتب الأول إدريس لشكر الذي افتتح الندوة باسم المعارضة أنه لم يحدث في تاريخ المغرب وحتى في سنوات الرصاص أن تم التعامل مع مقترحات المعارضة وتدخلاتها بالمنطق العددي الإقصائي، وبالترهيب والإسفاف الذي وشم لغة الأغلبية العددية مع غياب أية شروط لحوار حقيقي مع الحكومة. وذكر الكاتب الأول ادريس لشكر بتاريخ القوانين المؤطرة للانتخابات والتي كانت دائما موقع حوار وتوافق، وقال لشكر إنه عندما تم طرح السؤال حول الأجندة الانتخابية من طرف المعارضة واستدعاء هذه الأخيرة للحوار -الذي تبين أنه حوار مغشوش جسد في جلسة أولى وأخيرة- تلا الفراغ التام هذا المسلسل المحدد في دقائق معدودة، حيت وجدت المعارضة نفسها أمام غياب تام لمن كان من المفروض أن يناقشها حول مقترحاتها. وشرح لشكر للصحفيين مشروع المعارضة الصريح والواضح في هذا الإطار، والذي تواجهه الحكومة وأغلبيتها بالرفض في مختلف المقترحات، وهي الحكومة التي للأسف أنزلت اليوم مشروعا للقوانين الانتخابية، الشيء يشكل قلقا وتخوفا من أن تنهج الحكومة نفس النهج في كافة المشاريع الأخرى المتعلقة بالاستحقاقات القادمة دون الإجابة عن المذكرات التي رفعتها المعارضة الى الحكومة، وهي المذكرات التي ووجهت بالصمت واللامبالاة. لذلك اتخذت المعارضة قرارها بالانسحاب من لجنة الداخلية، مصحوبا ببيان يكشف عن منزلقات الحكومة في مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب. وأضاف لشكر أن «اللقاء الذي سيتم مع الحكومة في شخص وزير الداخلية لا علاقة له بموضوع الإضراب الذي حددت فيه الأحزاب موقفنا بشكل صريح وعبرت فيه عن تضامنها معه للمركزيات النقابية»، مؤكدا أن اللقاء مع وزير الداخلية سيشكل النقطة الفاصلة في الحوار من عدمه مع الحكومة في القضايا موضوع الحوار، والمتمثلة في القوانين المصاحبة للدستور المطروحة في أجندة البرلمان أو تلك التي في طور الوصول الى السلطة التشريعية أو المقترحة من طرف الفرق البرلمانية. وبعد تنويههم بالتجربة التونسية في إشراف هيأة مستقلة على الانتخابات، والتي وصلت إلى ما وصلت إليه من نتائج، رفع رؤساء الأحزاب السياسية المعارضة الأربعة: الاتحاد الاشتراكي والاستقلال والأصالة المعاصرة والاتحاد الدستوري درجة قلقهم في كافة الممارسات التي تقدم عليها الحكومة وأغلبيتها، سواء في الهيمنة على البرلمان باستعمال المنطق العددي أو الاستفراد بالقرارات المصيرية لبلادنا والتي تعودنا فيها على الإعمال بمنطق الحوار والتشاور والتشارك- رغم كل الإكراهات- مما يشكل خللا واضحا وخطيرا من شأنه أن يؤدي بالبلد إلى ما لا تحمد عقباه. وأكدت المعارضة عزمها على عدم الوقوف مكتوفة اليد أمام هذا العبث الذي يجسده بالدرجة الأولى رئيس الحكومة الذي يملك صلاحيات واسعة يستعملها فقط في الاستفراد الممنهج بكافة القرارات، ضاربا بذلك الدستور الذي ينص على إشراك المعارضة من البوابات المؤسساتية تجسيدا لاستكمال مسار المشروع الديمقراطي الذي بدأ منذ التسعينات من القرن الماضي، وتحديدا 14دجنبر1990 كما جاء على لسان الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي لم يتردد في كلمته بالقول إن على بنكيران أن يستقيل أمام الفشل الذريع الذي أهداه للمغاربة تتويجا للزمن غير الهين في تدبيره للبلاد. وكانت فرق المعارضة قد قررت الانسحاب من اجتماع لجنة الداخلية احتجاجا على ما وصفته في بلاغ لها ب»مصادرة حقها في التشريع». وقالت فرق المعارضة، (الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، فريق الأصالة والمعاصرة، الفريق الاشتراكي، الفريق الدستوري)، في بلاغ لها، «إن الحكومة تصر عبر أغلبيتها العددية على مناقشة مشروع اللوائح الانتخابية الذي يقتصر على تحيين اللوائح الانتخابية، وليس تجديدها تجديدا كليا كما تطالب بذلك المعارضة». وأضافت أن الحكومة تصر على تحيين اللوائح الانتخابية التي هي موضع انتقاد وطني منذ سنوات، وهو ما يجعل فرق المعارضة، متخوفة من نزاهة الانتخابات المقبلة، في حالة لم يتم تحصينها عبر لوائح انتخابية تحقق توافقا وطنيا شاملا، وهو «ما كان يمكن التوصل إليه لو توفرت الإرادة السياسية اللازمة في إطار مشاورات سياسية جادة.» وعبرت فرق المعارضة عن «أسفها العميق للمس الذي تعرض له النظام الداخلي للمجلس، والمس الذي تعرضت له المعارضة والتي خصها دستور 2011 بحقوق أساسية تعتبر واحدة من أبرز ملامح التطور الديمقراطي ببلادنا».