الجولة التي قادها عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي عبد الكريم بنعتيق، الأسبوع الماضي، إلى البيوت الاشتراكية واليسارية وكافة الشخصيات السياسية في أوروبا، حملت دلالاتها التواصلية والسياسية في مستوى استقبال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كعنوان كبير لدوره في دقة المرحلة وراهنيتها في عدد من القضايا التي تهم الجانبان المغربي والأوروبي. كان لهذه الجولة بدايتها في اللقاء بمقر الحزب الاشتراكي الفرنسي مع « ماتياس فيكل» وزير الداخلية الأسبق إبان حكم الرئيس فرانسوا هولاند، والذي يعتبر من قيادات الجيل الجديد للحزب الاشتراكي مكلفا بملف العلاقات الدولية في لحظات صعبة يمر منها اليسار الفرنسي، وفي نفس اليوم تم عقد جلسة عمل مع عضو البرلمان الأوروبي « روبير روشفور»، وتطرقت المحطة الأولى في فرنسا- إضافة إلى وضع اليسار ودوره- إلى وضعية الاتحاد الأوروبي، كما تداولت ملفات متعددة تهم قضايا التعاون لاسيما اتفاقيات الشراكة التي تجمع الاتحاد الأوروبي، ببعض الدول منها المغرب. وفي الجولة الثانية التي حطت ببلجيكا دشن بنعتيق لقاءاته بتدارس مجموعة من النقط المتعلقة بموضوع الجولة والتي همت قضايا بلادنا في العلاقة مع الآخر الذي نتقاسم معه مختلف القيم والتوجهات، مع محمد عامر وأحمد رضا الشامي سفيرا المملكة المغربية ببروكسيل والاتحاد الأوروبي، ليتم اللقاء بعد ذلك مع «ديربيوإليو» رئيس الحزب الاشتراكي البلجيكي والوزير الأول السابق، حيث تناول الجانبان المغربي والبلجيكي مختلف القضايا التي تعرفها المنطقة الأورو متوسطية واللحظات الانتقالية الصعبة التي تعيشها العائلة الاشتراكية في مجموعة من الدول، كما تبادل الطرفان وجهات النظر حول تطوير العلاقات التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي. واستكمالا لبرنامج زيارته لفرنسا، عقد بنعتيق لقاء مع « جون لوك ميلونشون» الزعيم اليساري الفرنسي الذي فاجأ الجميع في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة بحصوله على 7 ملايين من أصوات الناخبين. وتناول الجانبان مستجدات المسار السياسي والرؤية الاستراتيجية التي بلورها المغرب للتعاطي مع بعض الملفات التي تحظى بالأولوية لدى الزعيم اليساري الفرنسي مثل الهجرة والتعاون جنوب- جنوب. وقالت معطيات توصلت بها الجريدة إن «ميلونشون» أكد أن الاتحاد الأوروبي مطالب برؤية مستقبلية مغايرة تهم منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنها المغرب، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي على عاتقه تجاوز النظرة التقليدية في الشراكات مع الضفة الجنوبية، وخلق دينامية قادرة على تحصين قيم العيش المشترك بين الضفتين خدمة لمصالح الجانبين وحفاظا على استقرار المنطقة وأمنها. وفي نفس اليوم استقبل بنعتيق من طرف وفد ثلاثي من قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي والذي يضم كلا من «لورون بيري» و «مولين كونياك» و «سيسيل ديما»، وكانت المحادثات الدينامية التي دشنها الاتحاد الاشتراكي مع العائلة اليسارية بدول أوروبية متعددة تهدف إلى فتح نقاش عميق حول مستقبل اليسار. ويسجل لهذه اللقاءات المستوى الرفيع والهاديء والجو الرفاقي الذي يرتكز على مشترك قوي بين العائلات اليسارية في الضفتين بصمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الضفة الجنوبية بالعمل المتواصل على تقوية الجسر وفي الحفاظ على مقاعده الاستراتيجية في التكتلات الاشتراكية الكبرى. وتوقفت محادثات الجانبان عند ضرورة تقوية العلاقات الثنائية وتكثيف الحضور في المحطات المقبلة الأساسية بدءا من المنتدى الدولي للهجرة والتنمية وصولا للميثاق العالمي لهجرة منظمة منتظمة ودائمة الذي ستنظمه الأممالمتحدة، خلال دجنبر المقبل بمدينة مراكش. كما كان اللقاء مناسبة للحديث عن الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في المجالات المختلفة خاصة في مجال الهجرة . وأكد بنعتيق أن الاتحاد الأوروبي مطالب بتطوير آليات التفعيل المستقبلي برؤية منسجمة مع رهانات الغد المعقدة. وحل عبد الكريم بنعتيق بالعاصمة الإيطالية روما، وهي المحطة التي استقبل فيها من طرف «مارطا كراندي»، المنتخبة مؤخرا رئيسة للجنة العلاقات الخارجية للبرلمان الإيطالي، وهي المحطة التي سادتها مباحثات همت الساحتين المغربية والإيطالية ودور البلدين في القارتين الإفريقية والأوروبية، كما استعرض الطرفان، بحضور سفير المملكة بروما حسن أبو أيوب، مختلف التحولات التي تعرفها الساحة السياسية بإيطاليا بالإضافة إلى الإشكالات الصعبة التي تقتضي إجابات بعيدا عن تأثير لحظة المنافسة الانتخابية، ولم يفت الطرفان استحضار أهمية التعاون بين المغرب وإيطاليا بعيدا عن ضغط السياسات العابرة…وبعد هذه المباحثات التقى عضو المكتب السياسي والوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة عبد الكريم بنعتيق ب « لياكونطا بيلي» وهي برلمانية يسارية ومنسقة الفريق بالبرلمان، والتي كانت مرفوقة ب «أندريا دوماريا» برلماني عن منطقة بولونيا ورئيس لجنة الصداقة المغربية الإيطالية بالبرلمان، بالإضافة الى « لسيانو فيشي» وزير سابق وعضو قيادي بالحزب الديمقراطي الإيطالي، وتداول هذا اللقاء الهام الذي يعتبر محطة النهاية في جولة أوروبية ستعمل على لاحقاتها في المدى القريب من موقع المسؤولية السياسية لبنعتيق في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقد استعرض الطرفان في هذه المحطات العلاقات التي تجمع الحزب الديمقراطي الإيطالي والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقالت مصادرنا إن عبد الكريم بنعتيق تلقى دعوة لحضور وفد برلماني عن الفريق الاشتراكي للاجتماع الذي ستنظمه مجموعة الصداقة المغربية الإيطالية بالبرلمان الإيطالي يوم 17 يوليوز المقبل، كما اتفق الطرفان على تنظيم زيارة للمغرب خلال أكتوبر المقبل قصد المشاركة في الندوة المزمع عقدها من طرف الاتحاد الاشتراكي حول التحديات المطروحة على اليسار عامة والقوى الاشتراكية خاصة، سيتم خلالها برمجة زيارة للوفود الإيطالية المشاركة إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة.