في الولاياتالمتحدة، تعمد شركات كبرى مثل "آبل" و "فيسبوك" و"ميكروسوفت" و غيرها إلى تمويل عمليات تجميد بويضات مهندساتها العاملات قصد تمديد عملهن لديها أطول مدة ممكنة مع حفاظهن على إمكانية الحمل و الأمومة حين يرغبن في ذلك. أعلنت "آبل" و "فيسبوك" الأسبوع المنصرم أنهما ستتحملان في الولاياتالمتحدة مصاريف تجميد بويضات الراغبات من العاملات لديهما في ذلك، مما يسمح لهن بمواصلة العمل و إبعاد احتمال حملهن إلى تاريخ لاحق. و إذا كان هذا الموضوع قد أثار جدلا كبيرا في فرنسا فإنه في الولاياتالمتحدة كان أقل إثارة و السبب هو أن "آبل" و "فيسبوك" ليسا في الواقع سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، فالكثير من الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا الرقمية أو المجال المالي قامت بذلك فعلا أو تعتزم جديا القيام به. ف"ميكروسوفت" مثلا أو "سيتيغروب" تقدمان هذه الإمكانية على العاملات بها لكنهما ترفضان التعليق حول هذا الموضوع الدقيق. و تعتزم "غوغل" الانضمام إلى هذا النادي مع بداية سنة 2015 ، بتمويل عمليات تجميد بويضات العاملات لديها مما "يعتبر كسرا لآخر قفل بيولوجي أمام المساواة بين الجنسين في فُرص الشغل". ففي دراسة نشرتها مجلة "فرتيليتي أند ستيريليتي" (خصوبة و عُقم)، و نقلتها عنها العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، تبين أن أغلبية من النساء المُستجوبات اللواتي عمدن إلى تأجيل ساعتهن البيولوجية، يشعرن بنوع من "المسؤولية"، مما يجعل إمكانية تأجيل حملهن - عن طريق تجميد بويضاتهن - تأمينا نفسيا قويا و عاملا "مساواتيا" في ميدان الشغل. و من هنا فإن العرض الذي تقدمت به الشركتان "آبل" و "فيسبوك" لا يغش أي طرف، فالشركتان ترغبان في تحسين أرباحهما بتدعيم آفاق المسار المهني لشغيلتها النسائية، كما تتوقعان انخفاضا ملموسا لتكلفة التغطية الصحية للعاملات بها، إذ أن عمليات التخصيب الاصطناعي، التي تتحملها شركات كثيرة، أغلى بكثير من عمليات تجميد البويضات، التي تكلف حوالي 20 ألف دولار لعمليتي تجميد ما بين 18 إلى 20 بويضة، إضافة إلى 500 دولار كمصاريف سنوية للحفاظ عليها. و في هذا الصدد تقول الدكتورة "إليزابيث فينو" خبيرة التخصيب في جامعة نيويورك أن "حظوظ التخصيب تزداد بشكل واضح في حالة تجميد البويضات الشابة عنها في عمليات التخصيب الاصطناعي". و علاوة على هذا فإن "آبل" و "فيسبوك" يحققان هدفا إضافيا باستدراكهما التأخر الملموس الحاصل في ميدان المساواة بين الجنسين لديهما. ففي "وادي السيليكون" (سيليكون فالي) فإن معظم الشركات تهمل النساء الممثلات بشكل أقل، إذ أن 70 بالمائة من مستخدمي "آبل" ال98 ألفا عبر العالم هم من الذكور، و يقفز الرقم ليصل إلى 80 بالمائة بالنسبة للمناصب التقنية. و يُلاحظ نفس الأمر لدى "فيسبوك" مع ارتفاع نسبة التقنيين إلى 85 بالمائة لديها. تقول إحدى العاملات في "فيسبوك" و المستفيدات من هذه العملية في 2014 ،أنها مرتاحة لذلك " فكما لو أن تطور العقليات لم يتحرك منذ بدايات الحركة النسوية، فالثقافة تتبع دوما، فيما أعتقد، الحركة التي يقوم بها الرواد.و في كافة الأحوال، ينبغي أن ترتفع أصوات كي تقول : "نحن نفعل ذلك كي تتغير الأمور". كيفما كان وصفها، فإن مبادرة الشركات التقنية الأمريكية قد لقيت نجاحا واضحا: فالمستشفيات المتخصصة و أبناك البويضات تتلقى استفسارات و طلبات كثيرة بهذا الخصوص، و تعددت حفلات "إغ بارتيز" (حفلات البويضات) و أغلب المشاركات فيها يبلغن أقل من 37 سنة من العمر. هل يرين في ذلك فرصة لمواصلة العمل و النجاح فيه مع الحفاظ على إمكانية الحمل و الولادة فيما بعد حين يرغبن في ذلك، أو يعتبرن ذلك رسالة من مشغليهن بأنهم يعتبرون العمل و الأمومة أمران لا يلتقيان" مورين بيكار لوفيغارو