مع اقتراب موعد انطلاق مباريات كأس العالم لكرة القدم (روسيا 2018)، عرفت العديد من الدول التي تشارك منتخباتها في هذه التظاهرة فورة في إنتاج الأغاني الحماسية التشجيعية التي يطلقها الفنانون بهدف تحفيز لاعبي منتخبات بلدانهم وبث الحماسة وقيم التنافس والتفاؤل في صفوف مشجعيهم. ويسجل المتتبع لجديد ما بات يطلق عليه «أغاني المونديال»، بروز العديد من الأغاني التي انبرى لأدائها فنانون مخضرمون أو شباب من مختلف الدول المشاركة، تحتفي بقدرات لاعبي منتخباتها وتبث فيهم روحا معنوية لتقديم البلاء الحسن في أضخم تظاهرة كروية في العالم، بل وتلقي على عاتقهم مسؤولية ثقيلة بالحرص على رفع أعلامها عاليا. وشأنها في ذلك شأن مختلف الدول المشاركة في كأس العالم، طغت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي و(اليوتيوب) في الدول التي تمثل القارة الإفريقية في هذا المحفل الدولي، وهي المغرب ومصر وتونسوالسنغال ونيجيريا، نماذج من الأغنيات الفردية والجماعية التي تحتفي بالتاريخ الكروي لمنتخبات هذه البلدان ومنجزات لاعبيها الحاليين. وفي المغرب على سبيل المثال، أصدرت مجموعة «كرافاطا» الشبابية رفقة الفنانة الشابة سلمى رشيد، مطلع الشهر المنصرم، فيديو كليب، لتشجيع المنتخب الوطني تحت عنوان «الطريق إلى روسيا». وهي أغنية تحفز المغاربة على التوجه إلى روسيا لتشجيع أسود الأطلس، وبإمكانية تحقيق نتيجة جيدة في هذه التظاهرة لأنه «تا حاجة ما من المحال» (لا شيء مستحيل). أغنيتان أخريان صدرتا في السياق نفسه، أولاهما فردية للفنان حاتم عمور تحمل عنوان «ڤيڤا موروكو»، والثانية جماعية تحمل عنوان «موركو.. وي كام باك راشا 2018» (المغرب-عائد.. روسيا 2018) أداها عدد من الفنانين من ضمنهم سعيد موسكير، وعادل الميلودي، وعصام كمال، وحسن المغربي، وحاتم إدار، وعبد العالي أنور، وسعيد الصنهاجي. ويقول القائمون على أغنية (موروكو وي كام باك) بأنها «ملحمة فنية من أجل الكرة المغربية ومشاركة أسود الأطلس بمونديال روسيا بعد التأهل التاريخي». وجاء في تعليق على الأغنية على موقع اليوتيوب «أتمنى أن تكون الأغنية فأل خير على منتخبنا الوطني. و تحية تقدير للجمهور المغربي العظيم». والملاحظ أن هذه الأغنيات، التي تقوم على الإيقاع السريع، عرفت توظيف لغات مختلفة تتوزع ما بين الدارجة المغربية والأمازيغية والانجليزية والإيطالية والاسبانية، بما يوحي بكونها رسائل لمختلف شعوب الأرض بقدرة المغاربة على تحقيق نتيجة جيدة خلال المونديال. موجة «أغاني المونديال» غمرت دولة تونس أيضا، التي تشارك للمرة الخامسة في كأس العالم لكرة القدم، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أغنية تشجيعية لنسور قرطاج تم تأليفها على شكل «بارودي» للأغنية الروسية الشهيرة «كالينكا» التي كتب نصها ولحنها الفنان إيوان لاروانوف عام 1860.الأغنية التي لاقت رواجا كبيرا تقول في مطلعها «يا روسيا جايين ياو جايين هاو جايين»، قبل أن تؤكد أنه «للدور الثاني هاو قاعدين هاو قاعدين»، في نبرة تفاؤل بقدرة «نسور قرطاج» على تجاوز الدور الأول والذهاب بعيدا في هذا المونديال. مصر التي لم يتأهل منتخبها لكأس العالم منذ سنة 1990، عرفت بدورها، فورة في أغنيات المونديال، من ضمنها أغنية «ناس من بلدنا» التي أطلقها المطرب الشعبي أحمد عدوية وابنه محمد عدوية، وأغنية «جايين من كل حتة» (قادمون من كل الجهات)، وأغنية «ع المونديال»، وكلها أغان تتغنى بالتاريخ الكروي لمصر، ومهارات اللاعبين التي ستحقق أحلام المصريين التي «دامت سنين». أغنية أخرى شعبية تحمل عنوان «المنتخب راح روسيا»، من أداء الفنانين محمود الليثي وأمينة وعصام كاريكا وريكو وأمير عبد الله، تتغنى بقدرات عناصر المنتخب المصري وعلى رأسهم اللاعب محمد صلاح، وتحفزهم على تقديم أداء جيد، ترافقهم في ذلك دعوات الأمهات، ف»الأمهات هنا عمالة.. تدعي لولادنا الرجالة.. قادر يا رب تفرحهم». وإضافة إلى هذه الأغاني الخاصة بكل دولة عربية إفريقية على حدة، برزت مؤخرا أغنية تشجيعية لجميع المنتخبات العربية المشاركة في المونديال، بما في ذلك السعودية، وهي أغنية لوليد سامي وعلي بن سالم تحمل عنوان «عرب كأس العالم». وحرص القائمون عليها على دعم هذه المنتخبات حيث وظفت لكل بلد جزءا بلهجته المحلية. وفي الجزء المتعلق بالمغرب، تقول الأغنية التي لقيت نجاحا كبيرا «ديروا بالكم.. ديروا بالكم (انتبهوا).. المغاربة جايين.. ديروا بالكم.. ديروا بالكم.. الأسود جايين.. ومن الأطلس طالعين.. وعلى روسيا طايرين.. أسودنا جايين.. على الربح جايين». وفي السنغال، انبرى لأداء أغنية تشجيع منتخب التيرانغا، النجم العالمي السنغالي، يوسو ندور، والرابور الغيني- الفرنسي ألفا ديالو (بلاك إم)، حيث أطلق الاثنان فيديو كليب بعنوان «الأسود» موجه في المقام الأول لدعم أسود التيرانغا، فيما يحتفي من جهة أخرى بالوحدة الإفريقية إذ يختتم بعبارة «إفريقيا تربح دائما». بلاك إم الذي كتب ولحن كلمات الأغنية قال في تصريحات صحفية «آمل أن تحفز هذه المقطوعة الفريق السنغالي» المشارك في مونديال روسيا. وإذا كان المهتمون بالشأن الفني يرون أن هذا النوع من الأغنيات التشجيعية «مناسباتي وذو تأثير محدود في الزمان والمكان»، و»بسيط في اللحن والكلمات»، فإن هذه المقطوعات الفنية تضطلع رغم ذلك بدور في إذكاء حماسة اللاعبين والجمهور قبيل وإبان أيام المباريات، قبل أن تدخل خانة النسيان بعد أن تضع حرب المونديال أوزارها.