أصدرت وزارة التعليم العالي مشروع قانون بتغيير وتتميم القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي بشكل انفرادي ودون إشراك النقابات المهنية ولا الفاعلين الرئيسيين داخل الجامعة (موظفين .أساتذة. طلبة . قطاع خاص) ودون الأخذ بانتقاداتهم وتحفظاتهم وملفاتهم النقابية حول مجموعة من المواد بالقانون 01.00 الجاري به العمل حاليا . إن المتصفح لأبواب ومواد هذا المشروع يقف على حقيقة واحدة هي أن هذا المشروع كرس نفس الثغرات وخلق أخرى، وهذا ناتج عن المقاربة الخاطئة والمتسرعة التي اتبعت في إصدار هذا المشروع، الذي كرس نفس أنماط التدبير والتسيير بالجامعة المغربية والتي أثبتت التجربة عدم فعاليتها والتي جعلتها تتخبط في مشاكل كثيرة وصراعات انعكست سلبا على الأهداف التي سطرها القانون 00.01 المنظم للجامعة. إن اعتماد مبدأ الترشح الأحادي لشغل منصب رئيس الجامعة أو رئاسة المؤسسات الجامعية وفي غياب أية هيكلة إدارية وتربوية هو لتدبير عشوائي، بحيث أن رئيس الجامعة يقدم مشروعا لتدبير الجامعة و رؤساء المؤسسات يقدمون أيضا مشروعا لتدبير المؤسسات الجامعية ويتم تعيينهما وفق ذلك مع تفاوت في مدة الانتداب مابين رؤساء المؤسسات وما بين رئيس الجامعة مما ينتج عنه مشاكل كبيرة في توحيد الرؤى والأهداف، بل كثيرا ما تنشب صراعات وتظهر تناقضات بين الرئيس ورؤساء المؤسسات الجامعية . انطلاقا من هذا الوضع المتأزم والذي ينعكس سلبا على التدبير الإداري والمالي والبحث العلمي وتطوير الجامعة المغربية، كان من الواجب أن يأتي هذا المشروع ببديل وبمقاربة جديدة تعتمد على المشروع الموحد والعمل الجماعي، بحيث يكون الترشيح جماعي عبر لائحة تضم الرئيس ورؤساء المؤسسات الجامعية وفرق عملهم من النواب، مع إقرار هيكلة إدارية بالجامعة وبالمؤسسات التابعة لها، تحدد المهام بدقة والمسؤوليات والواجبات والحقوق وشروط تحمل المسؤولية وفق مبدأ الكفاءة وتكافؤ الفرص مع ربط المسؤولية بالمحاسبة. ومن جهة أخرى لم يأت هذا المشروع بتحفيزات جبائية لفائدة الشركات التي تشغل الطلبة (الإجازة أو الماستر) أثناء التدريب بتنسيق مع الجامعات من أجل الرفع من الكفاءة المهنية للطلبة، هذا ويبرز اكثر الإقصاء المتعمد لمكونين أساسيين في الجامعة (الموظفين الإداريين والطلبة ) إن على مستوى التمثيلية داخل هياكل الجامعة( المادة 9 ) و(المادة 22) من المشروع بالاقتصار على ممثلين من الموظفين بدل ثلاثة في القانون الحالي، رغم أنها كانت مجحفة وكان المطلب ولا يزال هو تمثيلية توازي الدور الفعال الذي يقوم به الموظفون الإداريون داخل الجامعة، أو على مستوى تحمل المسؤولية بحيث أسند المشروع كل المهام إلى الأساتذة، وحرم الموظفين من الترشح لشغل منصب العميد (المادة20) و(المادة 20م ) أو نائب العميد أو نائب الرئيس رغم أن هذا القانون المادة 16 لا يمنع من أن يترشح الموظفون إلى رئاسة الجامعة، كما غيب هذا المشروع في المادة 24 تمثيلية الموظفين في مجلس التنسيق. و في خرق سافر لقانون الوظيفة العمومية، وفى تحايل غريب على القانون الجاري به العمل قي إصدار القوانين الخاصة والتي هي من اختصاصات الحكومة والبرلمان تقترح المادة 12 من هذا المشروع أن يصادق مجلس الجامعة على النظام الأساسي للموظفين الإداريين والتقنيين دون الإشارة إلى من سيهيأ هذا النظام، والغرابة هو أن هذه الفقرة من المادة 12 تقتصر فقط على الموظفين دون الأساتذة ولا تفرض حتى عرض هذا النظام على سلطة الوصاية كما هو الحال بالنسبة للنظام الداخلي للجامعة!، كما أن هذه المادة تتناقض مع ما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة 17 ( يحدد النظام الأساسي الخاص بالموظفين........وفق المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل ) فما هي هذه المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل؟ إن لم تكن من اختصاص البرلمان والحكومة وبتشاور مع النقابات في إصدار قوانين خاصة بفئة من العاملين بأحد القطاعات. ومن زاوية أخرى أشارت الفقرة الثامنة من المادة 12-2 إلى أن مجلس التدبير يبدي الرأي في إعادة انتشار الموظفين الإداريين والتقنيين في تناقض تام مع اختصاصات هذا المجلس، والأدهى من ذلك ان مهمته اقتصرت في إبداء الرأي دون الإشارة في هذه الفقرة إلى القوانين الجاري بها العمل والمنظمة لإعادة الانتشار، والتي حددت بمنشور الوزير الأول بكل بوضوح. والغريب في الأمر أن إعادة انتشار الأساتذة داخل الجامعة أسندت للمجلس الأكاديمي، وكل من مجلس التدبير والمجلس الأكاديمي حدد اختصاصهم في إبداء الرأي ودون حتى عرض رأيهما على مجلس الجامعة، ولكي يصبح رأي مجلس التدبير والمجلس الأكاديمي مجرد رأي ودون عرض رأيهما على مجلس الجامعة ولا احترام للمساطر الإدارية المحددة لكيفية إعادة الانتشار، منحت المادة16 من هذا المشروع تعيين الأساتذة والموظفين وكذا إعادة انتشارهم إلى رئيس الجامعة، وفي غياب الإشارة إلى مسطرة التعيين في المناصب الإدارية تم اشتراط تعيين الكاتب العام من بين الحاصلين على شهادة الماستر عوض شهادة الاجازة. والواقع أنه كان من المفروض والوزارة تشرع لمرفق حساس واستراتيجي مثل التعليم العالي والبحث العلمي يرهن توجهات المغرب ومستقبل أجياله، ضرورة إقرار استراتيجية تروم الإجماع حول هذا القانون وذلك باتباع منهجية عمل لجان مشتركة تضم كلا من ممثلي الوزارة الوصية و الممثلين النقابيين و الممثلين النقابيين للموظفين و ممثلي الطلبة وممثلي القطاع الخاص و ممثلي النسيج الاقتصادي والاجتماعي، فتقوم هذه اللجنة بالإشراف على منتديات بالجامعة المغربية ومع القطاع الخاص ومع ممثلي النسيج الاقتصادي والاجتماعي من أجل الاستماع لجل الآراء والأطروحات والتوصيات فتنكب في نهاية المطاف على صياغة مسودة مشروع تعديل وتتميم القانون 00.01 . المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي، يتم بعد ذلك عرضها على كل من المجلس الأعلى للتعليم و المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ثم يعرض بعد ذلك المشروع على أنظار المجلس الحكومي، فيحال على البرلمان بغرفتيه من أجل المناقشة والمصادقة.