أعطى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تعليماته من أجل إقامة مستشفى ميداني طبي جراحي تابع للقوات المسلحة المغربية بغزة، في الأراضي الفلسطينية. وقالت وزارة الخارجية المغربية: إن هذا المستشفى يستهدف تقديم العلاجات الضرورية للجرحى والضحايا المدنيين في الأحداث الأخيرة التي عرفها قطاع غزة». بهذه الاختزالية تم تقديم الخبر السالف الذكر، من طرف أغلب وسائل الإعلام، وكأن الأمر يتعلق بقرار عادي في ظروف عادية، والحقيقة أن الموضوع أخطر بكثير من كل هذا. فحسب منظمة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»،فإن عددا كبيرا من المصابين، خلال مسيرات العودة في قطاع غزة، سيعانون من إعاقات طويلة الأمد، وسيتطلبون جلسات علاج طبيعي مكثفة خلال الأشهر القادمة، ويشمل ذلك الاحتياجات المساعدة في توفير أطراف صناعية وأجهزة طبية مساعدة، إضافة إلى الدعم النفسي. لذلك ناشدت «الأونروا»، شركاءها لدعم النظام الصحي في غزة. وتؤكد التقارير الدولية أنه منذ مسيرات العودة التي انطلقت في 30 مارس، من غزة، استشهد 117 فلسطينيا،بينهم 7 أطفال، في حين وصل عدد الجرحى في ظل استمرار المظاهرات إلى 13,190، بمن فيهم 1136 طفلا، ومن ذلك الرقم أيضاً جرح 3,630 شخصا بالرصاص الحي، منهم 332 شخصا في حالة الخطر. وذكر تقرير منظمة الصحة العالمية أن هذه الجروح تسببت في 5 حالات بتر في الأطراف العلوية، و27 حالة بتر في الأطراف السفلية. هذه بعض المعطيات التي تكشف خطورة الوضع في غزة، إذ لا يتعلق الأمر بأرقام عارية وجامدة،من شهداء وجرحي، بل بالإنسان الذي يموت وهو يدافع عن حقه في مقاومة الاحتلال الصهيوني، وبالجرحى الذين سيعيشون بقية حياتهم بعاهات مستديمة. وحسب المعطيات الواردة من قطاع غزة، فإن العجز يكبر لمواجهة حاجيات العلاج، لتكاثر عدد المصابين، خاصة وأن الحصار الإسرائيلي، يزيد من التضييق على فرض العلاج، بالإضافة إلى قطع التيار الكهربائى عن غزة من طرف الكيان الصهيوني. لذلك فإن القرار الذي اتخذه المغرب لإقامة مستشفى عسكري، يتخذ أبعادا إنسانية وسياسية هامة، في هذا السياق، مثل القرار الذي اتخذته مصر لفتح المعبر واستقبال الجرحى في مستشفيات سيناء. قد يقول قائل عن حق، هذه حلول ترقيعية أمام العجز عن مواجهة الكيان، وهو رأي صحيح، لكنه ليس رهينا بدولة عربية واحدة، بل أمره عند الذين ينفذون استراتيجية التجزئة والتقسيم.