يعد مرض الروماتيزم بجميع أنواعه ، إشكالية حقيقية بالنسبة للصحة العمومية بالمغرب، فهو يصيب ما بين 0.5 و 1 في المئة من الساكنة. وخطورة هذه الأمراض تكمن في ما يمكن أن تسببه من تشوهات عضوية تؤدي إلى الاعاقة عن الحركة في حالة عدم معالجتها في الثلاثة أشهر الأولى للاصابة. وتتعدد الاصابات الروماتيزمية عند المغاربة ما بين هشاشة العظام والتهاب المفاصل وداء الأوتار العضلية، لكن النقطة المشتركة التي تجمع كل هذه الأمراض هي تأثيرها على حياة المرضى، فهي تتسبب في الألم الجسدي والنفسي، والعجز الذي يشل حياة المريض عن أداء أنشطته اليومية. هذا العجز قد يؤدي إلى فقدان الوظيفة ، كما أكدت ذلك العديد من الأبحاث المقدمة في المستشفيات الجامعية المغربية. فهذه الأمراض تسبب فقدان جودة الحياة لذلك فهي تنعكس على الحياة الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى الجانب الأكثر حساسية كالجنس والنظافة والاستحمام، ويؤدي ذلك كله إلى إقصاء اجتماعي حقيقي للمريض. وقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث في بلادنا ، تأثير ذلك على المرضى، خاصة في صفوف النساء والفتيات، إذ تعد من أسباب ارتفاع معدلات الطلاق للمصابات المتزوجات، وأبرز العوامل المؤدية إلى الهدر المدرسي بالنسبة للطفلات اللواتي يضطررن لمغادرة المدرسة من أجل الاعتناء بأمهاتهن وإخوانهن. فعدم قدرة المرأة على القيام بواجباتها المنزلية والزوجية يؤدي إلى توتر العلاقة مع الشريك وعدم قدرته على التعايش مع الزوجة المريضة. وبحسب دراسة قمنا بها بمستشفي العياشي بسلا لأمراض الروماتيزم، وجدنا أن 50% من المصابين بأمراض الروماتيزم ينقطعون عن العمل و30% من النساء يتعرضن للطلاق، و15% من الفتيات ينقطعن عن الدراسة، وهو ما يؤكد الكلفة الاجتماعية الباهظة لهذا النوع من الأمراض. وبالنظر لكل هذه التأثيرات والمضاعفات على صحة المريض ومحيطه الاجتماعي، فإن جهود مسؤولي الصحة يجب أن تتكاثف لتحسين نوعية الرعاية لهؤلاء المرضى وإعطاء الأولوية لهذا النوع من الأمراض. * مدير مستشفى العياشي لأمراض الروماتيزم بسلا