صدرت ، مؤخرا ، دراسة أظهرت أن 45 في المئة من الرجال يعانون من مشاكل جنسية، ما هو تعليقكم على ذلك؟ دون التشكيك في الدراسة نفسها، أود أن أشير إلى أنني كطبيبة لست متفقة على توجيه سؤال حول الحياة الجنسية لشخص آخر غير المعني بالأمر بشكل مباشر، وإن كان الأمر يتعلق بالشريك الذي هو الزوجة، وذلك في غياب الزوج. وزيادة في التوضيح، فلكي تكون الدراسة متكاملة وتنطلق من مبدأ أن كل علاقة جنسية هي مسؤولية مشتركة ومتساوية بين الرجل والمرأة، كنت أفضل وجود كلا الزوجين أثناء تقديم أسئلة الاستمارة المخصصة للدراسة، وإن تبينت صعوبة تجميع الأجوبة الحقيقية والصحيحة بحضورهما في نفس الوقت، لكن على الأقل طرح الأسئلة على كل واحد منهما على حدة بشكل منفرد، وتجميعها في نهاية المطاف من أجل المقارنة ومعرفة رأي وموقف كل منهما بشأن «المشكل الجنسي» و «عدم الرضا الجنسي» ، سواء بالنسبة للرجل أو المرأة أو لهما معا. وعليه، فإنني ومن خلال ممارستي الميدانية بعيادتي الطبية على مدى 14 سنة، فأنا أتحفظ على نتيجة الدراسة المتمثلة في نسبة 45% كرقم على الضعف الجنسي عند الرجال المغاربة، خاصة وأن مثل هذه الأرقام تخلق حالة من الهلع غير المبررة في مجتمعنا، عند الرجال كما هو الأمر عند النساء. هل تعتقدون بأن الضعف الجنسي هو في ارتفاع؟ أبدا على الإطلاق، وهنا أود أن أؤكد على نقطة أساسية وهي ضرورة القطع مع استعمال مصطلح «الضعف الجنسي» حين الحديث عن هذا الموضوع، لأنه من خلال استعمال هذه الكلمات ، فإننا نحكم على الصورة العامة للشخص المعني بهذا الخطاب، وبالتالي فإننا قد نُلحق به الضرر ونسيء إليه ، وقد نتسبب له في الألم عوض أن ننفعه. لهذا ينبغي أن نتحدث عن «مشكل جنسي» ، شأنه في ذلك شأن أي مشكل آخر، لأن الحلول متوفرة وموجودة، يجب فقط البحث عنها وتطبيقها. أما بخصوص المشاكل الجنسية، فهي في اعتقادي لاتعرف ارتفاعا في نسبها وإنما هو مجرد انطباع، إذ قد يعتقد البعض ذلك لكون الزوجين أصبحا أكثر قدرة على مناقشة حياتهما الجنسية بشكل صريح وبمنتهى الجرأة عكس السابق، حين كانا يفضلان اللجوء إلى الصمت وإحاطة كل ما له علاقة بحياتهما الحميمية بأسوار من السرية وجعلها طيّ الكتمان، فاليوم أضحى الأزواج يبحثون عن أجوبة لأسئلتهم الحارقة والتي تؤرق بالهم، ويطلبون المساعدة من المتخصصين، فضلا عن كون كل طرف في العلاقة الجنسية له مفهومه الخاص لموضوع الانتصاب. وهنا أسوق مثالا في هذا الصدد، ففي أحد الأيام زارني شخص في الأربعينات من عمره، وكان متوترا بشكل كبير والخوف يغلب عليه، لأنه كان يعتقد بأنه يعد طبيعيا، مصرّحا بأنه يعاني من مشكل في الانتصاب، موضحا أنه خلال سنوات خلت كان يستطيع أن يقيم علاقتين جنسيتين أو ثلاث بشكل متوال، عكس الآونة الأخيرة التي لم يعد قادرا إلا على علاقة واحدة. فما كان مني إلا أن طمأنته وعملت على التهدئة من روعه، وأوضحت له بأن الأمر هو طبيعي خلافا لما اعتقده، لأن جميع الرجال ومع تقدمهم في السن يكونون في حاجة إلى وقت زمني أطول من أجل الراحة عقب كل علاقة جنسية ، قبل الانتقال إلى أخرى، وهي المدة التي تتفاوت مع التقدم في السن. ما هو تأثير الضعف الجنسي على نفسية الزوجين معا، وما هي تداعياته؟ الرجل والمرأة كل منهما يعيش مشكلة ضعف الانتصاب بشكل مختلف عن الآخر، فالرجل يمكن أن يحس بالدونية وبكونه بدون قيمة، وقد ينتابه الإحباط والاكتئاب ويبتعد عن زوجته نتيجة لذلك، وفي أحايين كثيرة هناك من يلتجئ إلى المخدرات خاصة الكحول، هربا من هذا الواقع عوض التعامل معه بشكل عقلاني والانكباب على معالجته. من جهتها المرأة قد تصاب بدورها بالغضب الشديد، وبالإحباط، نتيجة لخيبة أملها لعدم حصولها على «الإشباع الجنسي» وعدم تلبية رغباتها الجنسية، لهذا فإنها تصاب بالبرود في بعض الأحيان الذي قد يتطور إلى ردود فعل عدوانية. وعموما، فإن كل مشكل جنسي يمكن أن يخلق تصدعا بين الزوجين، وإبعادهما الواحد عن الآخر، لأن علاقة جنسية سليمة وجيدة هي من بين أهم ركائز التوازن والسعادة الزوجية. كيف يمكن تفادي هذا الإشكال عند ظهور علاماته الأولى، وكيف يمكن تجاوزه في حال وقوعه؟ يجب أن أشدد على أنه لكل مشكلة حلّ، وعلينا أن نتوقف عن البحث عن المذنب في العلاقة الزوجية والرمي باللائمة عليه، بل وجب على كل زوجين أن يتوحدا ويساندا بعضهما البعض، حتى يتسنى لهما العيش معا كما يشتهيان، عوض محاولة الهرب من المشاكل التي قد تصادفهما في يومياتهما، لأن من شأن ذلك توسيع حجم تبعاتها. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكيد على دور الحب وأهمية الاحترام المتبادل في العلاقة الزوجية، وعلى التواصل الواضح بدون لبس أو غموض، لأنها آليات مهمة لتجاوز كل الإكراهات والضغوطات التي قد يصادفها الزوجان في علاقتهما، والتي تعتبر كثيرة، والتي يشكل بعضها موضوع الأسئلة التي أتوصل بها في هذا الصدد، وذلك من خلال موقعي الخاص الذي أضعه رهن إشارة الجميع وعنوانه www.amal-chabach.com، والتي تعطي فكرة عن واقع الأسرة المغربية. الحديث عن الحياة الجنسية يحيلنا للتطرق لالتجاء بعض الأزواج إلى مهيجات جنسية إن صح التعبير ، كمشاهدة أفلام للإثارة الجنسية، هل يعتبر الأمر طبيعيا ويحقق المبتغى أم ينطوي على مخاطر؟ الإنسان هو ليس بمادة أو آلة، وإذا كان الجسم في وضعية جيدة لكن العلاقة بين الزوجين معتلة، أو يغلب عليها الغضب والتوتر، ونفسية أحد الزوجين أو هما معا هي متدهورة ومنهارة، فإنه لايمكن لأي شيء أن يحقق لهما المتعة الجنسية الفعلية، اللهم إن فرضا على «الآلة البشرية» الاشتغال ضدا على التوازن المطلوب، لأنه في هذه الحالة سنكون أمام خطر إمكانية إصابتها بالأعطاب وتعريضها للتلف.