بحثت ورشتي عمل على هامش المناظرة الوطنية للفلاحة، ضمنها ورشة وزارية، إشكالات إدماج الشباب في التنمية الفلاحية والقروية، في سياق التحولات الاجتماعية الجديدة للعالم القروي وتحديات التكونولوجيا والتنافسية الدولية للمنتجات الفلاحية. وشدد المشاركون على ضرورة الاهتمام بالشباب القروي، خاصة في إفريقيا حيث يشكلون غالبية الساكنة ويعانون من ارتفاع معدلات البطالة التي تصل 60 في المائة وسط الشباب. وأبرزت الورشة الوزارية، التي نظمت حول موضوع "نحو تعاقد اجتماعي جديد من أجل الشباب"، أهمية تشجيع الشباب على استثمار قدراتهم وكفاءاتهم في القطاع الفلاحي، غير أنها سجلت العديد من الإشكالات والمعوقات التي تعترضهم، خاصة التكوين والوصول إلى الأرض والتمويل وولوج الأسواق. وفي هذا الصدد أكد مامادو سانغافوا كوليبالي، وزير الفلاحة والتنمية في كوت ديفوار، أن تحفيز الشباب على الانخراط في القطاع الفلاحي يفترض إقناعهم بأن الاستثمار في هذا القطاع مجدي ومربح بالنسبة لهم، مشددا على ضرورة إعادة التفكير بشكل عميق في الدور الاستراتيجي لللقطاع الفلاحي الإفريقي. وتشكل بطالة الشباب مصدر قلق كبير بالنسبة لإفريقيا، إذ يصل 10 مليون شاب كل سنة إلى سوق الشغل، الذي يتميز بضعف العرض وعدم ملائمته. وتكتسي الفلاحة في هذا السياق أهمية خاصة لكونها تمثل 70 في المائة من العرض في سوق العمل. وتقول جوزيفا ليونيل كورييا ساكو، مفوض الاقتصاد القروي الفلاحي لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي، "إن إفريقيا تتوفر على كل الإمكانيات والوسائل الكفيلة بإحداث تحول نوعي في المجال الزراعي في اتجاه إدماج أكبر للشباب في التنمية القروية"، شريطة العمل على خلق شروط هذا الإدماج من خلال مخططات وطنية موجهة للاستثمار الزراعي. من جانبه اعتبر تحدث ستيفان ترافيرت، وزير الفلاحة الفرنسي، أن التعاقد الفلاحي المنشود من أجل إدماج الشباب يجب أن ترتكز على التكوين الزراعي والقروي، مع ضرورة أخذ رهانات الاستدامة والتنافسية والسلامة الصحية بعين الاعتبار، إضافة إلى دعم وصول جيل جديد من القرويين إلى مراكز القرار في الضيعات الفلاحية. بينما أكدت إيزابيل غارسيا تيخرينا، الوزيرة الاسبانية للفلاحة والصيد البحري والتغذية والبيئة، على أهمية التعاون الدولي من أجل تحقيق التنمية الفلاحة وتمكينها من لعب أدوارها كصمام أمام للأمن الغذائي ومصدر استقرار ورفاهية السكان القرويين، مشيرة على الخصوص إلى الإمكانيات الهائلة في مجال التعاون الثلاثي بين المغرب وإسبانيا والبلدان الإفريقية. وخلال الورشة الثانية التي، تمحورت أشغالها حول الشباب والابتكار والفلاحة المستدامة، تألقت تجربة مجموعة النفع الاقتصادي "أجيدا" للشباب المقاولين بمدينة الداخلة، والتي أطلقت مشروعا نموذجيا في إطار تعبئة العقار العمومي ووضعه رهن إشارة الشباب المقاول. واستفاد من المشروع 27 شابا وشابة، تم انتقاؤهم في إطار طلب مشاريع. وفي سياق تنفيذ مشاريعهم قرر المقاولون الشباب التكتل في إطار مجموعة ذات نفع اقتصادي وتضافر جهودهم وإمكانياتهم من أجل تطوير مشروع مشترك بمعايير عالية. كما عرضت خلال الورشة برامج مجموعة من المؤسسات الدولية في مجال دعم الشباب القروي والمقاولين الشباب في الفلاحة في آسيا وإفريقيا وأمريكا. وأبرزت الورشة التحولات التي يعرفها نمط العيش في البادية مع وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة والتقارب الحاصل في أنماط الاستهلاك بين الوسط القروي والحضري، والحاجيات الجديدة لممارسة الفلاحة من حيث الكفاءات والقدرات، وظهور مهن جديدة في الوسط القروي بارتباط مع التطورات التي يعرفها القطاع الفلاحي، كما هو الحال في المغرب مع برنامج تعميم الري الموضعي الذي ظهرت على هامشه مقاولات صغرى متخصصة في تركيب أنظمة الري العصرية وصبانتها، ونفس الشيء بالنسبة لمدخلات الإنتاج والأسمدة.