تزايدت ، في الآونة الأخيرة ، شكايات مواطني الدارالبيضاء تجاه سلوكات وتصرفات عدد من سائقي سيارات الأجرة الصغيرة، حيث يتساوى في هذه المحنة كبار السن والصغار، من الجنسين ، حتى ولو تعلق الأمر بامرأة حامل أو سيدة عجوز تحتاج الى المساعدة، أو أُمٍّ صحبة ابنها وابنتيها الصغيرين ، هؤلاء جميعا يظلون ينتظرون ، في هذه الزنقة أو تلك ، هذا الشارع أوذاك ، تحت حرارة الشمس صيفا ، وبرودة الطقس وتهاطل الأمطار شتاء ، لمدة زمنية طويلة، مُترقبين مرور سيارة أجرة صغيرة ، والتي حين تقف إحداها يسأل السائق ، وبعجرفة في غالب الأحيان : « فِين غادي ؟» أو «فين غادية ؟» أو «فين غادين ؟» . بعد سماع اسم الوجهة ، يغادر المكان بسرعة، في حين يكتفي آخرون بترديد لازمة : «ما كندخلش المْدينة، وما تنمشيش المْعاريف... الألفة بعيدة عليّ...» ، وأحياء أخرى غير معترف بها في خريطة تنقل هذا النوع من الطاكسيات المزاجية، كما وصفها أحد المواطنين ممن واجهوا مثل هذه المسلكيات غير السليمة ، مضيفا أنه «ليس من حق السائق قانونيا الامتناع، ومن حق الراكب الصعود للسيارة، وبقوة القانون تتم خدمته.. فهذا السائق الذي تقدم بطلبات لمكاتب العمالات، المقاطعات من أجل الحصول على رخصة الثقة لسياقة سيارات الأجرة، لكنه عندما يحصل على هذه الرخصة وبعد خضوعه لاختبار مهني من طرف المسؤولين ، يضرب كل القوانين المعمول بها بعرض الحائط، ويسنّ منهجية فوضوية، ليس لها أي أساس، قوامها الوحيد : أنا سائق سيارة الأجرة، أفعل ما أشاء وأتوجه إلى الوجهة التي أشاء، متناسيا أن مهمته تتجلى في خدمة المواطن باحترام وتقدير » ! شهادات عديدة لمواطنين ومواطنات سبق لهم «الاكتواء» بسلوكات تتنافى و الهدف المتوخى من الترخيص لسيارات الأجرة داخل المدينة ، فهذا سائق شاب يتلقى مكالمة عبر هاتفه النقال ، فيتوقف فجأة عند محل تجاري لقضاء أغراض شخصية / خاصة ، دون اعتبار أو تقدير للزبون الذي قد يكون على موعد لا ينبغي التأخر عليه ، وآخر يختار مسافة بعيدة من أجل تحقيق، كما يقول «كورسة» أو رحلة بثمن باهظ! هذا وأكد لنا سائق سيارة أجرة ، الأسبوع الماضي، وهو رجل مُسن، له تجربة طويلة في هذا المجال، استفحال مظاهر السلوكات السلبية المتحدث عنها أعلاه، معبرا عن استيائه وسخطه من انتشارها، متأسفا على أيام زمان :«حين كان الطاكسي وسيلة نقل آمنة يحظى أصحابها بالتقدير والاحترام من قبل الزبائن ، علما، يقول ، بأن رخصة الثقة لم تكن تمنح إلا بشروط ، أساسها الأخلاقة الحسنة والسجل العدلي الخالي من السوابق». وقبل أن يختتم حديثه، طالب محدثنا المسؤولين بالتدخل العاجل لإىقاف هذا النزيف ، وفي نفس الآن حماية هذه المهنة من الدخلاء الذين يُسيئون إلى السائقين الشرفاء، النزهاء الذين تشكل «الرحلة» على متن سياراتهم ، فرصة للاحتفاظ بالذكرى الطيبة، جراء السلوك الحسن الصادر عنهم ، المبني على مساعدة الزبناء الكبار، خاصة المصحوبين بأطفال صغار وكذا العجزة ! وفي السياق ذاته ، حاول سائقون آخرون تبرير هذا النوع من المسلكيات الصادرة عن بعض «زملائهم» ، على اعتبار أن حركة النقل والجولان في بعض النقط من العاصمة الاقتصادية وسط المدينة نموذجا «تعاني من الاكتظاظ وشدة الازدحام ، والسائق قد يضيع وقتا طويلا في رحلة واحدة ، الأمر الذي يجعله عاجزا عن تحصيل ثمن كراء السيارة من صاحب «الكْريمة» الذي قد يستغني عن خدماته في أية لحظة ، ليصبح عرضة للتشرد والضياع بمعية أسرته، التي يعتبر المعيل الوحيد لأفرادها»! إنها معضلة حقيقية ، بالفعل ، على السلطات المسؤولة ، انطلاقا من اختصاص كل جهة ، الانكباب الجدي على خيوطها المتشابكة ، من أجل إيجاد حل عادل لها يخفف من معاناة الركاب ، الذين لا ذنب لهم سوى التواجد في «المدينة الغول» ، وفي الآن ذاته يضمن انسيابية حركة المرورعبر أهم الشوارع الرابطة بين محاور «عاصمة الأسمنت»!