هل يمكن للصحافة أن تتحول إلى مجرد بروباغاندا وعملية تواصل، فقط، أم أنه ينبغي حماية دورها الحاسم في الإخبار والتحليل والجدل ودعم النقاش العمومي؟ كانت هذه هي الإشكالية الرئيسية، التي سادت في اللقاء المنظم بين النقابات المغاربية، للصحافيين، الذي تحتضنه مدينة الرباط، أمس واليوم، والذي تم تخصيصه لمناقشة مختلف الإشكالات والتحديات، التي تواجه مهنة الصحافة، في البلدان المغاربية، الخمسة. ورغم كل التفاوتات والسياقات الوطنية، الخاصة، التي تعيشها مختلف هذه البلدان، إلا أن القاسم المشترك، كان هو يهم، بالأساس، التعامل مع التحديات التي تطرحها التكنولوجيات الحديثة، سواء في تهديدها لوجود الصحافة «الكلاسيكية»، وخاصة الورقية، أو في سعيها إلى خلق نموذج جديد للمهنة، تنمحي فيها الفوارق بين الهواية والاحتراف، حيث يمكن لكل مواطن أن يتقمص شخصية الصحافي، فقط لأن التكنولوجيا تتيح ذلك. بل أكثر من ذلك، فإن التساؤل الكبير المطروح، بفعل هذه التحولات المتسارعة، هو هل تؤدي هذه التطورات إلى القضاء التدريجي على مقومات مهنة الصحافة، لتصبح مجرد بروباغاندا واستراتيجيات تواصلية، يهمها الحصول على ملايين الزوار، كمعيار أساسي، لقياس الفعالية والنجاعة، بغض النظر عن المبادئ التي تستند عليها المهنة، من حرص على الأخلاقيات والجودة و الاستقصاء و المستوى العالي من التعليق والتحليل... الإشكال المطروح ليس جديداً، بل تعيشه مختلف البلدان في كل بقاع المعمور، لأن التحول الرقمي، فرض ذلك، غير أَن الأجوبة تختلف، حيث تتحكم فيها الأوضاع العامة، السياسية والاقتصادية، وكذا التقاليد المهنية، غير أن ما يميز البلدان المغاربية، بنوع من التفاوت، هو هشاشة المقاولات الصحافية، مما يضاعف من تهديدات التحول الرقمي. من عليه أن يتحمل المسؤولية في حماية الصحافة والمهنة، هل التنظيمات النقابية قادرة وحدها على ذلك، أم أن المسؤولية عمومية، وتتطلب جواباً جماعياً، ترافق فيه الحكومات والبرلمانات والهيئات السياسية وغيرها من منظمات المجتمع المدني، القطاعات المهنية،للنجاح في مهمة الانتقال والتطور ومواجهة التحديات؟؟ من المؤكد أن الأمر يتطلب التعامل مع إشكاليات الصحافة والإعلام، ليس كقطاع مهني/اقتصادي، مثل القطاعات الأخرى، بل أيضا كرافعة أساسية لحرية التعبير والديمقراطية، والمساهمة في إدارة النقاش العمومي، وهي قضية، لا تهم الصحافيين وحدهم، بل تهم الدولة والمجتمع، بشكل رئيسي.