يكتسي موضوع الإعلام والمجتمع- بشكل عام- أهمية خاصة في دساتير الأمم المتمدنة، نظرا لما يلعبه هذا الأخير من أدوار حيوية وطلائعية في الدفع بحياة المجتمعات البشرية نحو الانعتاق من العبودية والتسلط إلى معانقة الديمقراطية والنمو والتقدم. وبناء على المكانة اللائقة التي يتبوأها داخل المحافل الدولية، ووعيا بكل ما يمكن للإعلام أن يحققه للمجتمع الذي أنبته من تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية أي، ما يمكن أن يساهم به عل أرض الواقع من تقدم وازدهار، فقد أصبح اليوم رهانا مجتمعيا واستراتيجية ناجعة، لمجموعة كبيرة من الدول السائرة في طريق النمو إلى جانب- بطبيعة الحال- الميادين الأساسية ذات الطابع الاجتماعي الصرف، كالتعليم والصحة والبيئة على مختلف أحجامها وأنواعها . وبما أن حقل الإعلام أضحى ركيزة أساسية للنهوض بأوضاع البلاد المتراخية وتحقيق التنمية المستديمة، فان تواجده وتفعيل حضوره بأوساط مؤسساتنا التعليمية والتربوية أصبح ضرورة تاريخية نظرا لما يتقاسمه مع باقي المعارف والعلوم من قواسم مشتركة من جهة ، وما يمكن أن يحققه للمتعلمين من كفايات معرفية وتواصلية وثقافية هائلة من جهة أخرى. فمادة الإعلام ببساطة ، بقدر ما تلزم المتعلم على الانفتاح على قضايا محيطه الداخلي تستأثر اهتمامه بالتواصل مع عالمه الخارجي: الشارع / البيت/ السينما/ قاعة الانترنيت/ ……الخ إذ لا يكفي – هنا- أن يتعرف المتعلم على وسائل الإعلام وأهميتها من الناحية الأكاديمية ، وإنما المهم هو تحسيسه أولا بأهمية الإعلام – كأرضية للانطلاق- ثم تحفيزه على الانخراط في أوراشه ، بدءا باستقاء المعلومة ومواكبة الحدث و محاولة تغطيته ، ثم التدريب على التقاط الصور وإجراء الحوارات الخ . وهذا لن يتأتى إلا بخلق الأندية التربوية وتفعيل أدوارها في فضاءات المؤسسات التعليمية شكلا ومضمونا. فنادي السينما ونادي الإذاعة والتلفزة ونادي الاتصال والتواصل ونادي المجلة وغيرها من الأسماء والأنواع – ولله الحمد – هي الكفيلة بترسيخ ثقافة الإعلام وتبييئ مفهوم التواصل بمؤسساتنا التعليمية/ التربوية. وأعتقد – كفاعل تربوي- أن جهود مدرسة الغد ،لا يمكنها أن تصل إلى بر الأمان وتحقيق أهدافها المرجوة ذ، الا اذا أسرعنا الإقلاع بالمدرسة الوطنية وجعلنا المتعلم المغربي في صميم عملية إصلاح المنظومة التربوية ، أي في انفتاح تام للجيل الجديد على عالم وسائل الاتصال والإعلام الساحر بمؤسساتنا التعليمية ، من حاسوب ومجلة وجريدة وتلفزة وتشبع ثقافة الاتصال والتواصل المبنية على التشارك و الحوار والمبادرة وإبداء الرأي والتحلي بالشجاعة عند الملاحظة و المواجهة…. الخ من القيم والمواقف النبيلة التي تساهم إلى حد بعيد في بناء شخصية المتعلم وتنمية مواقفه السلوكية والفكرية سواء اتجاه الذات أو نحو الموضوع- العالم- . واذا كان المفكر الفرنسي بيير بورديو قد أقر بأهمية الأعلام عندما قال: لا مستقبل للإنسانية بدون إعلام « فإننا ننهي إلى علم كل الغيورين على قطاع التربية والتعليم ، أن الإعلام الذي صنع التنمية باستطاعته ان يبني حضارات . فإلى متى سيظل الإعلام المدرسي مشروعا مستعصيا إن لم نقل غريبا على مؤسساتنا التعليمية ؟