افتتح الفنان التشكيلي عبد الله الديباجي، مساء الخميس الماضي برواق باب الرواح بالرباط، معرض التشكيلي بحضور مجموعة من الفنانين والنقاد والمثقفين المهتمين بالرسم المغربي. ويتشكل معرض الديباجي الجديد من عدد هام من اللوحات ذات الثيمة الواحدة، أو التي تقترب من هذه الوحدة الثيمية؛ فالرسام يعتمد نفس المزيج اللوني، ونفس الشكل الأفقي، عوض العمودي، ونفس تلك الخطوط الدقيقة التي تشبه الخيوط التي تخيط وتربط وتلحم الألوان والأشكال والتعرجات. الألوان هي الأصفر والأحمر والأسود والبني. والأشكال هي مربعات ومستطيلات وأهرامات صغيرة يظهر بعضها أناس في التيه وبدون وجهة ولا وجه. الرؤوس كثيرة والأرجل، العاجزة عن المشي كثيرة أيضا. وتظهر بعض هذه اللوحات، وأكثرها باللون الأسود والأزرق، أناسا في ازدحام والتحام وتيه كالسابقين. لذلك يمكن القول إن الديباجي نجح في خلط الألوان والمشاعر والأحزان والتيه. فمثلما تُخلط الألوان يمكن خلط الناس والمشاعر والأحجام والوجهات. لكن أكثر تلك اللوحات مخاطبة لطمأنينة الكائن هي المرسومة باللون البني والأزرق، عكس الاحتشاد والازدحام المرعب الذي تمتلئ به لوحات اللون الأسود والأحمر والأصفر. يعمل الديباجي ويقيم في مرسمه بمدينةالجديدة، وهو ابن مدينة أزمور، رفقة رسامين أعلام في التشكيل المغربي: بوشعيب الهبولي، الناجب الزبير، عبد الكريم الأزهر، ولو اجتمع هؤلاء في معرض واحد لكان قارئ لوحاتهم وزائر معرضهم كأنه أمام انسجام الكون: الهبولي يرسم وجوها وتلالا، الأزهر يرسم الزمن، والناجب يخلط الأمكنة. تلك هي أزمور الخالدة وقد انتقلت بكل الاستعارات اللونية إلى قماش اللوحة.