قال الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة، يوم السبت بالرباط، في اختتام المناظرة الثامنة حول المالية العامة والتي نظمتها وزارة الاقتصاد والمالية على مدى يومين بشراكة مع المؤسسة الدولية للمالية العامة وبدعم من المجلة الفرنسية للمالية العامة. ، إنه يتعين التفكير في إصلاح المالية المحلية وإجراؤه في إطار من التناغم والانسجام التام مع إصلاح المالية العامة. وشدد بنسودة، الذي أكد على العلاقة الجوهرية القائمة بين اللامركزية واللاتمركز، على ضرورة إرساء إصلاح اللامركزية والجهوية على «إصلاحات عميقة للمالية العامة والمالية المحلية». وأوضح أيضا أن هذه الإصلاحات عليها أن تجعل من الجهات أقطابا حقيقية للتنمية السوسيو-اقتصادية المتضامنة والمتوازنة، مضيفا أن مالية الدولة والجماعات الترابية يجب أن تخضع لمنطق تدبيري. وقال بنسودة، خلال تدخله في موضوع «الدولة الترابية في المغرب وفرنسا: أي التقائية بين مالية الدولة ومالية الجماعات الترابية»، إن «الديمقراطية المحلية تتطلب سلطة مالية محلية تشتغل بتناغم تام وانسجام مع السلطة المالية للدولة. واختار المغرب في هذا الصدد مراكمة تجربته الخاصة وتجارب بلدان أخرى نجحت في مسلسل تفعيل اللامركزية». وأوضح بنسودة أن المبدأ الدستوري لحرية الإدارة يتطلب استقلالية مالية للجماعات الترابية، إذ تزال هذه الاستقلالية حتى الآن متمحورة أكثر حول بعد الميزانية والبعد الجبائي، مضيفا أن حصة نفقات الجماعات الترابية داخل إجمالي نفقات الدولة والجماعات الترابية لا تزال متواضعة. ودعا بنسودة إلى تنسيق بين الدولة والجماعات الترابية في جميع مجالات المالية العمومية، موضحا أنه يمكن اعتبار هذا التنسيق حدا أمام الإدارة الحرة للجماعات الترابية. وأبرز وزير الداخلية محمد حصاد، في مداخلة تليت نيابة عنه، أن المغرب بصدد مباشرة ورش كبير للإصلاحات المؤسساتية، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، بهدف إتمام مرحلة جديدة من استكمال بناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية. كما أكد أن اللامركزية مسلسل ديناميكي ومتطور في جوهره تتولد عنه بانتظام الحاجة إلى إعادة التفكير في العلاقات، خاصة المالية منها، بين الدولة والجماعات الترابية. وفي هذا السياق، اعتبر حصاد أن تطور العلاقات بين الدولة والجماعات الترابية، رغم الابتكارات الجريئة التي تميزه، لايزال محكوما بفلسفة قوامها الحكمة والحذر من أجل السهر على الحفاظ على مكتسبات المراحل السابقة، وكذا الخصوصيات المغربية. من جهته، أبرز رئيس الغرفة بمحكمة الحسابات الفرنسية كريستيان بابوسيو، الذي تدارس وضعية المالية العمومية الفرنسية، ضرورة ضمان نوع من الالتقائية والتناغم بين الماليتين المحلية والعمومية، بغية الحفاظ على الإطار المالي للدولة. وأوضح أن «تقويم المالية العمومية المحلية يتطلب إلزاما إحداث تناغم لهذه المالية مع الأهداف الشاملة للمالية العمومية». من جهته، أشار الوزير المستشار بسفارة فرنسا في الرباط أليكسيس لو كوغ غرونميزون إلى أن فرنسا كما المغرب منخرطان حاليا في أوراش طموحة في مجال الإصلاحات الترابية تروم بالخصوص تعزيز الالتقائية بين مالية الدولة ومالية الجماعات الترابية. كما أوضح أنه ما وراء خصوصيات الإصلاحات التي انخرط فيها البلدان، ينبغي رفع تحديات تهم بالخصوص دور المستوى الجهوي في تفعيل سياسة عامة للنمو، داعيا سائر الجماعات المحلية لتعزيز التقائيتها إزاء دعم المقاولات. مشيل بوفيي رئيس المؤسسة الدولية للمالية العمومية أشار إلى أن قيادة المالية العمومية لا يمكن أن تنحصر في ميزانية الدولة وميزانية الجماعات الترابية، مضيفا أنه لا بد من الاستراتيجية المالية للتحكم في أي عجز أو دين عمومي من شأنه تهديد توازن المجتمع.كما اعتبر بوفيي، أيضا مدير المجلة الفرنسية للمالية العامة، أن ابتكار مسلسل جديد للقرار على أساس نظام أفقي يجمع الوحدة والتنوع يعتبر حاسما، داعيا للمزاوجة المستدامة بين الديمقراطية والتدبير الجيد، لصالح المؤسساتية وتوزيع جيد للسلطات العمومية. وتوخت المناظرة، التي نظمتها وزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع المؤسسة الدولية للمالية العامة وبدعم من المجلة الفرنسية للمالية العامة، إغناء النقاش حول أوجه التكامل الذي ينبغي أن يحكم العلاقات بين مالية الدولة ومالية الجماعات الترابية في إطار من التجانس والتفاعل الإيجابي. وتمحورت أشغال اللقاء حول ثلاثة مواضيع أساسية تتمثل في التنمية المحلية من وجهة نظر الاقتصادي والمنتخب المحلي والفاعل الاقتصادي، والاستقلالية المالية للجماعات الترابية من وجهة نظر الممارس الإداري والجامعي والخبير، والتكامل والتضامن بين الدولة والجماعات الترابية في الميدان المالي من منظور المسؤول السياسي والمسؤول الإداري والجامعي.