عصام كمال فنان مغربي من مواليد مدينة أزيلال سنة 1983، وهو كذلك كاتب كلمات وملحن وعازف على عدة آلات..، عرفه الجمهورالمغربي سنة 1998 من خلال مجموعة «مازاغان» الذي كان له الفضل في إنشائها وتذوقوا الفن الشعبي من خلال صوته وطريقة أدائه في هاته الفرقة التي تميزت بتجديد التراث الفني المغربي وعصرنته بإدخال آلات موسيقية أخرى عليه. ثم اكتشفه سنوات بعد ذلك، عندما قرر خوض مغامرة الإبداع الفني الفردي خارج إطار الفرقة، بحيث استمتع المغاربة بأغاني كثيرة اداها، من بينها «دنيا» التي اقتبسها من أغنية الفرنسي «ميشال فوغان»، والتي أعاد تكييفها لتوظيفها في جينيرك السلسلة التلفزيونية «زينة «، وكذلك أغنية «فابور» و «أبناء أدم» وغيرها من الأغاني التي عرفت نجاحات، ومنها من مكنته من الحصول على جوائز. ثم هناك من يعرفه من خلال إسهامه في أعمال اجتماعية، وقد سبق وأنتج أغنية لإحدى الجمعيات استعملت كجينيريك، بالإضافة إلى هذا وذاك، فهو فنان يترجم مواقفه للتعبير عن قضايا وطنية ودولية بأشكال مختلفة.. كل هاته الآشياء أكدها عصام كمال وصرح بها وبأشياء أخرى في حوار أثناء تواجده بمقر الجريدة: في أول سؤال له، والذي يتعلق بموضوع حديث، كان حول سبب عدم تواجده يوم 11 دجنبر الماضي بمسابقة «ميوزيك اوورد» التي اعتاد الحضور اليها، كان رده تلقائيا بأنه وجد من البديهي عدم المشاركة في هاته المسابقة التي كان تاريخها مبرمجا سابقا، لكنه تزامن مع أحداث إعلان الرئيس الأمريكي ترامب بأن القدس هي عاصمة اسرائيل. فكان من الطبيعي أن يتفاعل مع الفلسطينيين ومع كل ما يجرى في العالم على إثر هذا الحدث، بصفته مغربيا ألف ككل المغاربة أن يجعل من القضية الفلسطينية قضيته، خصوصا أن حضوره كان سيكون بصفته ضيف فقط، ثم أكد بأنه ليس لة أي مشكل مع المنظمين، بل سبق وحاز على جائزة من نفس المسابقة. وعن رأيه في مدى تغييب هاته المسابقة لبعض الفنانين المغاربة المعروفين، أجاب بأنه صراحة وللإنصاف، لا يمكن لأي حفل أو مسابقة أن تستدعي جميع الفنانين، لكن مع ذلك فهو يسجل على التظاهرة تغييبها للبعض منهم من حفروا أسماءهم في الساحة الفنية ك» مسلم» مثلا الذي انتبه له، بحكم أنه متتبع لأعماله، فهو يلاحظ غيابه في البرنامج بشكل لافت، وذلك منذ أول دورة له. مع أنه له جمهور عريض، يلقبه ب «ملك الراي العربي» وليس فقط المغربي . وحول أسلوب الغناء الجديد الذي اختاره لنفسه فيقول عصام، بأنه يعتبر نفسه فنانا مغربيا له هوية أمازيغية عربية مسلمة، ومن هذا المنطلق فهو يحاول أن يعبر عن مواقفه بما يملك من فن وأنه في أعماله المستقبلية سينحو نفس المنحى، وهذا لا يعني بأنه ينتقص من أعمال فنانين آخرين، فلكل اختياراته. كل ما في الأمر هو أنه يلاحظ بأن هناك استقالة جماعية عن هموم الشعب الحقيقية. وفي هذا الصدد أدلي ملاحظاته عن المجال الفني الحالي، قائلا بأنه حقيقة عرف نوعا من الانتشار الواسع، لكن دوره في المجتمع غير إيجابي، إذ أصبح وسيلة للترفيه أكثر ما هو وسيلة للتثقيف والتحسيس والتربية بما فيها تربية الوجدان. فحتى الحب، يضيف دائما عصام كمالن أصبح يعالج بطريقة سطحية وأصبح هناك الحث على العنف، عكس ما كانت عليه الأغنية قديما والتي كانت تتميز بنوع من الرقة والحنان. وأضاف ان المجتمع المغربي لا يحتاج إلى ذلك، فكفاه العنف الذي يواجهه في الشارع. ثم أضاف بأن هناك اتجاه الفنانين نحو الأغاني العاطفية التي تذهب مرات عديدة لحد الميوعة. أما الأغاني الاجتماعية فهي نادرة ولا يتداولها إلا مغنيو الراب، بل حتى هؤلاء انصرف بعضهم عنها مؤخرا إلى الأغاني التي تتمحور حول حب المال والبنات. وردا عن سؤال إذا ما كان لا يحبذ الفن من أجل الفن، أوضح بأنه يصنف الفن في اتجاهين، اتجاه الفن من أجل الفن ثم الفن الذي به رسالة في مضامينه، وهو الذي يميل إليه، وهو لا يرفض الآخر فهذا هو الدور الأساسي للفن، ولكن بشرط أن تكون به جمالية وأن يرقى بذوق الناس وأن يحث على الحنان والمودةٌ لا التحدث بشكل دائم عن الحب وبطريقة سطحية لحد الميوعة، فهذا يقوم بتخدير الشباب وخاصة المراهقين الذين لايزالون في طور تكوين الشخصية، لأن في هاته الحالة الأغاني ستلعب دورا سلبيا، بحيث تحتكر مشاعرهم وهم بحاجة إلى مختلف المكونات للبناء، فمثلا ما يلاحظه في الشباب الحالي هو غياب أي نوع من التمرد على بعض العادات والتقاليد، كما كان في عهد شبابه والتي تدفع للبحث والتجديد وهما خصلتان ايجابيتان في حياة المراهق لتكوين شخصية متكاملة. أما عما ما يطلق عليه ب «الفن النظيف»، يقول «عندما نقول «الفن النظيف»، يتبادر الى البعض فكرة «السمفونيات «' وهذا خطأ نحن المغاربة ليس لنا سمفونيات، فهل سنكذب على انفسنا؟ في نظري، الفن النظيف يصبح فنا شعبيا « وقد كان متواجدا، ولكن كان دائما ضمن الاقلية إلا في فترة الثمانينيات حيث ظهرت مجموعات كالمشاهب و ناس الغيوان .. الى جانب الاغنية العصرية، وهي للإشارة بدأت تموت حاليا، هذه هي الاستثناءات الوحيدة التي كانت في نظري» من جهة أخرى، وكإجابة على سؤالنا حول دور الوزارة في المشهد الفني من خلال منحها للدعم للأغنية، لاحظ في هذا الإطار بأن فترة وزير الثقافة الصبيحي كان هناك تقدم ملحوظ لعملية منح الدعم، بحيث أصبح ذلك مقننا أكثر في عهده وتم فيه احترام المواعيد النهائية، وعندما كان الفنانون يقدمون طلباتهم تتم الإجابة عليها.. وبالمقابل فإن الفنان يعيب على فترة ولايات أخرى بأنها طبعت بعدة مشاكل، فهو شخصيا لديه ثلاث ملفات طلب منحة، لا تزال تنتظر الإجابة عنها منذ حوالي سنة، ويرجع ذلك خاصة لتأثر هذا القطاع بتعدد الإقالات والتغييرات بحيث يتضرر منها الفنانون الذي يضطر العديد منهم لتأجيل مشاريعهم. في حديث أخر حول مدى تأثره بالفنانة سعيدة فكري، أجاب بأنه حقيقة فترة شبابه ومراهقته تميزتا بتأثره بالعديد من الفنانين الذين انبهر بهم وحفظ أغانيهم منهم مجموعة المشاهب وناس الغيوان.. إذ نشأ في أجواء الأغنية الملتزمة، «وهذا يفسر كوني أؤدي الآن أغاني ملتزمة بعد خروجي من مجموعة مازاغانٌ « يوضح عصام كمال، ثم أضاف بأن هناك ألوانا موسيقية أخرى نشأ في ظلها .. ثم هناك مغنون آخرون منهم من وصل للعالمية في ميدانهم، كالشاب مامي والشاب خالد، الذي تعامل معه في ما بعد من خلال أغنية «ديما لاباس» ، كما تأثر محاورنا كذلك، بالموسيقى الغربية، إذ كان كثير الإنصات في فترة مراهقته لموسيقى الجاز واللاتينو وكذا الموسيقى التركية التي أحبها كثيرا. أما عن الفنانة سعيدة فكري فيقول بأنها كانت أيضا من بين هِؤلاء الفنانين الذين انبهر بهم كثيرا، وهو يعتبرها فنانة متكاملة تكتب وتلحن وتعزف وتشارك أيضا في التوزيع الموسيقي، لكنه، يضيف دائما، بأنه يجد من المؤسف أن بعضا من الفنانين ممن يحملون رسائل فنية لا يصل فنهم لمجموع الشباب بحيث تسمع أغانيهم في قنوات وإذاعات تستهدف الشباب، خاصة أن الوقت الراهن يحتاج مثل هؤلاء الفنانين ليصبح «الفن النيظف» حاضرا هو الآخر بقوة. وحول سببب التغييب ولمن ترجع المسؤولية في نظره، صرح بأنه يرجعها للفنان بالمقام الأول، فإذا كان يساير عصره على الدوام وينتج أعمالا جديدة، فهو أكيد سيكون حاضران وبالتالي لا يحمل المسِؤولية الكبرى لوسائل الاعلام و يعني بها التلفزة التي تبحث دائما عن نوع من «الفلكلور» حتى ضمن مجال الأغنية الشبابية، بل يلوم بشكل أكبر أولئك الفنانين الذين يحملون رسائل وعمقا في التفكيرن ولكن بسب تذمرهم انفكوا عن الابداع وما أكثرهم.. يقول عصام كمال عن تجربته مع بمجموعة «مازاغان» بأنها كانت طويلة ومميزة بالنسبة إليه، فهو يفتخر بها خصوصا أن أعضاءها اختاروا أثناءها تجديد التراث بما فيه العيطة والشعبي، وبطريقة جديدة شبابية استعمل فيها آلات القيتارة والباتري..، و أضاف بأن تلك المرحلة من مساره الفني كانت ضرورية موسيقيا من حيث أنها مكنته من الغوص في بحر التراث الشعبي، لكنها لم تكن جلها ايجابية، بالرغم من أنه لم يندم عليها. فمثلا لو طلب منه الآن أن يغني بعض الأغاني التي سبق وغناها لرفض. ويرجع دلك إلى مسألة النضج الذي يكون قد وصل إليه عن أعماله المستقبلية يفكر عصام كمال في إعادة تجربة أغنية دنيا التي سبق واقتبسها من أغنية «قصة جميلة» التي أداها المغني الفرنسي «ميشال فوغان» . هاته الآغنية اعتبرها تجربة جميلة، لأنها أولا ارتبطت ببداياته كمغني في العمل الفردي خارج مجموعة مازاغان. و هي التي جعلت الجمهور المغربي يعرفه عندما وظفها لتصبح أغنية زينة في جنيريك للسلسلة التي تحمل نفس الاسم. و في نفس الإطار فقد عرفه الجمهور كذلك من خلال جنيريك برنامج «مع الناس» الذي اعتبره نجح هو الآخر. فهو لا يرفض تقديم أغنية في جنيريك خصوصا إذا كان العمل جميلا به ممثلين مميزين، فهو لا يمكن إلا أن يدعمه في مساره الفني، وهو مقبل على مشروع مماثل سيعرض مستقبلا في رمضان، لكنه رفض اعطاء تفاصيل أكثر حوله، وأكد فقط بأن منتجه له رؤية فنية جيدة وليس همه فقط هو جمع المال، وهذا في حد ذاته مكسب. وعودة الى إعادة اقتباس الأغاني فقد أكد أن الفنان في نظره يجب أن يكون منفتحا على كل الثقافات..، فهو شخصيا لا يعترض على ذلك والمغاربة ككل يتميزون بالانفتاح..، والدليل هو أنه عندما يتم تقديم أغنية غربية أو شرقية بالطريقة المغربية، فإنها تعرف نجاحا. ثم استرسل قائلا «هناك عدة أغاني غربية أخرى تعجبني، لكن لم يحن وقتها بعد», انتقل الفنان للحديث عن حياته الشخصية و قال «كما يعرف جيراني، فأنا انسان شعبي، أنتمي لأسرة متوسطة، بل من أفقر العائلات المتوسطة (يقول مبتسما) انني الى حدود الساعة لازلت أقطن في سكن اقتصادي وأعيش حياة طبيعية مع زوجتي وابني، وأقضي أغراضي بنفسي وأتسوق كجميع الناس وأرافق ابني لمدرسته». و عن المضايقات يضيف «أحيانا عندما يكون المرء معروفا بعض الشيء، يثير الانتباه، شخصيا عندما أمر في الشارع أسمع بعض الناس يتهامسون ويسألون إذا ما كنت أنا فعلا، لكن على العموم هذا لا يضايقني فحب الناس هو شرف لي ووسام على صدري، لكن هناك بعض التصرفات هي التي لا تروق لي، كترديد الانتقادات عن بعد عند مروري في الشارع، وانصح هنا الجمهور الذي لديه ملاحظات أن يقترب من الفنان و يترجم آراءه حول أغانيه، فهذا أفضل بكثير من تلك الطريقة. وأنا شخصيا أحب ذلك، لكن ماذا أقول فبعض المغاربة هم نتاج فترة القمع بحيث لا يمتلكون شجاعة المباشر. ثم ختم اللقاء برسالة يحث فيها للجمهور الذي يحب ثقافته وهويته أن يشجع الفنانين الذين يحترمون فنهم ليقدموا لهم هم بدورهم أعمالا جديدة و جيدة.