التفاصيل الدقيقة التي صورها فيلم Gerald's Game أشبه بكتاب سيكولوجي يعرض لك أسرار الشخصية عن طريق حبكة متقنة وأداء جميل إذا أردت أن تتعرف على طريقة مختلفة في تقديم عالم الرعب والكف عن التجرؤ بوصفه مضعية للوقت ولا هدف منه، فعليك أن تتأمل جيدًا أعمال الروائي العظيم وأبو الرعب الأمريكي ستيفن كينغ، صاحب الروايات الشهيرة، Shawshank Redemption، وThe Shining، وCarrie وغيرها. فكما عودنا هذا الكاتب على تقديم عالم الرعب بأسلوب مختلف وخيال مبهر، تعود رواياته لتكتسح عام 2017 بثلاثة أفلام أنتجت مستندة إلى كتاباته، لتحقق نجاحًا واسعًا، وعلى رأسها الفيلم الذي حطم الرقم القياسي في إيرادات أفلام الرعب، فيلم IT الذي تم تجديده عن فيلم قديم لذات الرواية، كذلك فيلم «1922» صدر لهذ العام عن رواية لنفس المؤلف وقد حظي الفيلم بثناء وتقييم عاليين. أما الفيلم الذي نتعرض له هنا وهو الثالث، فهو فيلم «Gerald's Game» عن رواية تحمل نفس الاسم صدرت للكاتب عام 1992، وتم تمثيلها لأول مرة هذا العام، الفيلم من إخراج مايك فلاناغان الذي استطاع إثبات نفسه بجدارة في عالم الرعب من خلال أفلام سابقة اشتهرت له، وقد شارك ذاته في كتابة سيناريو الفيلم بالاشتراك مع جيف هاوارد. أما بطولة فيلم «Gerald's Game» فهي بشكل أساسي لمحور الرواية وهي زوجة جيرالد التي تقوم بأداء دورها كارلا جوجينو، ويشارك معها الممثل بروس غرينوود في دور الزوج وهو جيرالد. من خلال فيلم «Gerald's Game» سيعرفك ستيفن كينغ على معنى الرعب النفسي الحقيقي حين تواجه ظروفًا ممكنة الحدوث مع أي شخص وفي أي وقت، يجعلك الكاتب تطلع على رعب العالم الواقعي الذي نعيش فيه، غير مكترثين إلى احتمالات الخطر الكثيرة التي تكون في انتظارنا. ربما يمكن اختصار قصة فيلم «Gerald's Game»على أنه يحكي عن زوجة يأخذها زوجها إلى أشبه بمصيف خاص، لقضاء عطلة مختلفة وإنعاش الحياة الجنسية بينهما بطرق مبتكرة، وهنا تكمن لعبة جيرالد، حيث يخطط لتقييد زوجته في السرير لممارسة جنس مختلف معها، لكنها لا تتقبله أبدًا. وبسبب حبوب «الفياجرا» والنزاع الذي يحصل بينهما تحدث جلطة قلبية مفاجئة لجيرالد بينما الزوجة ما تزال مقيدة، وباب الشقة نُسي مفتوحًا. ولكن كل ذلك ليس القصة، وليس شيئًا من الرعب الكامن في حبكة الرواية في فيلم «Gerald's Game». إن أوهامنا، وأسرارنا، وخيالاتنا ورموزنا المعقدة، التي تظهر لنا في كل أزمة نتعرض لها وتعيدنا إلى الجحيم هي رعبنا الحقيقي، توهمنا بالنجاة في كل مرة ثم الإخفاق ورعب حقيقي، إن هروبنا من الحقيقة وسكوتنا عما يتسببه الآخرين لنا من أذى، واكتشاف تعودنا على الأذى بل والرغبة فيه والاستسلام له، لهو رعب بحد ذاته. يمثل فيلم «Gerald's Game»-رغم كل بشاعة الواقع الذي يعرضه- منصة جميلة للأمل وعدم الاستسلام، ويثبت أن النجاة تكون في مواجهة أنفسنا أولًا، والشفاء من مصدر خوفنا لا يكون بالهرب منه، بل بالتحدث عنه واسترداد حقك منه ثم أخذه ببساطة دون جعله عائقًا، وهي لفتة جميلة في الحقيقة دون الحكم على مدى نجاحها. إن التفاصيل الدقيقة التي صورها فيلم «Gerald's Game» أشبه بكتاب سيكولوجي يعرض أسرار الشخصية عن طريق حبكة متقنة وأداء جميل، غير أن كارلا جوجينيو ربما بحاجة إلى أداء أكثر إتقانًا. الفيلم حصل على تقييم 6.7 على موقع imdb، وربما يستحق أكثر من ذلك، ولهذا كان تقييمه على موقع Rotten Tomatoes ،90% وهو تقيم جيد بالفعل. (*) روائية من فلسطين