نوه بالأداء الجيد للمالية العمومية وبارتفاع وتيرة تحصيل الضرائب اعتبر صندوق النقد الدولي أن النمو الاقتصادي في المغرب تحسن في عام 2017 وتوقع أن يصل معدله إلى 4.4%، وعزا الصندوق هذا النمو إلى الانتعاش الملحوظ في النشاط الزراعي في حين اعتبر أن النشاط في القطاع غير الزراعي مازال ضعيفا. ونبه صندوق النقد الدولي، الذي اختتم مجلسه التنفيذي مشاورات المادة الرابعة مع المغرب، إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 10.6% في الربع الثالث من 2017 مشيرا إلى أن بطالة الشباب لا تزال مرتفعة بمعدل 29.3%. بينما توقع أن ينخفض التضخم الكلي إلى 0.6% في 2017 نتيجة انخفاض أسعار الغذاء. وتوقع الصندوق أن ينخفض عجز الميزانية العامة هذا العام إلى 3.9% من إجمالي الناتج المحلي ، وذلك في الأساس بفضل البيئة العالمية المحيطة بالمغرب، ولا سيما ازدياد قوة التعافي في أوروبا ونمو الصادرات القوي (6.5%)، مما يرجع في معظمه إلى جودة أداء صادرات المنتجات الغذائية والفوسفات ومشتقاته. ومن المتوقع أيضا أن تظل الاحتياطيات الدولية في مستوى مريح، حيث تغطي حوالي ستة أشهر من الواردات. ونوه الصندوق بأداء المالية العامة، حيث اعتبر أن الضبط المالي لا يزال مستمرا، مشيرا إلى أن التطورات كانت إيجابية إلى حد كبير منذ نهاية أكتوبر 2017. فقد حققت الإيرادات الضريبية نتائج أفضل من المتوقع، ولكن إيرادات المنح كانت أقل مما أشارت التوقعات. وكان الإنفاق العام على الأجور ومدفوعات الفائدة أقل من المستوى المتوقع كما انخفض معدل المصروفات الرأسمالية (بنحو 2% على أساس سنوي مقارن). وفي مجال السوق المالي الوطني، اعتبر الصندوق أن البنوك المغربية تتمتع بمستوى جيد من الرسملة ولا توجد إلا مخاطر محدودة على الاستقرار المالي. ولا تزال القروض المتعثرة مرتفعة نسبيا، ولكنها تخضع لرقابة دقيقة وهناك مخصصات كافية لمواجهة خسائرها المحتملة. ويجري تعزيز الضوابط التنظيمية لتخفيض تركُّز الائتمان وتوثيق التعاون مع الأجهزة الرقابية العابرة للحدود من أجل احتواء المخاطر المتعلقة بتوسع البنوك المغربية في إفريقيا. ولا تزال آفاق المدى المتوسط مواتية في المغرب، حيث يُتوقع أن يصل النمو إلى 4.5% بحلول عام 2021. غير أن المخاطر لا تزال مرتفعة وتتعلق في الأساس بمستوى النمو في البلدان المتقدمة والصاعدة، والتوترات الجغرافية-السياسية في المنطقة، وأسعار الطاقة العالمية، وتقلب الأسواق المالية العالمية. وسيتوقف ارتفاع النمو في المدى المتوسط على استمرار تنفيذ إصلاحات شاملة لتعزيز كفاءة سوق العمل، وفرص الحصول على التمويل، وجودة التعليم، وكفاءة الإنفاق العام، وزيادة التحسينات في بيئة الأعمال. وسيكون من الضروري أيضا تعزيز نظام شبكات الأمان الاجتماعي لتحقيق نمو احتوائي يصل إلى نطاق أوسع من المواطنين. وأثنى المديرون التنفيذيون على السلطات لسلامة سياساتها الاقتصادية الكلية وتنفيذها للإصلاحات التي ساعدت على تعزيز صلابة الاقتصاد المغربي، وتطوير أطر المالية العامة والسياسة المالية، وزيادة تنويع الاقتصاد. ولتدعيم المكاسب المحققة والعمل على تحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح السكان، أكد المديرون أهمية الحفاظ على سياسات مالية ونقدية سليمة وتكثيف جهود الإصلاح الهيكلي، تدعمها إجراءات لتقوية شبكة الأمان الاجتماعي. ورحب المديرون باستئناف الضبط المالي لضمان بقاء الدين في حدود يمكن تحملها. وأيدوا الجهود الرامية إلى ضبط الإنفاق على الأجور والسلع والخدمات لخلق حيز مالي يدعم النفقات ذات الأولوية على المدى المتوسط. واتفق المديرون على أن الضبط المالي المستمر سيستفيد من اتباع منهج شامل في التعامل مع الإصلاحات الضريبية، بهدف توسيع القاعدة الضريبية والعمل على تشجيع المزيد من التبسيط والعدالة الضريبية. وأيدوا الحرص في تنفيذ اللامركزية المالية، وإجراء إصلاح شامل للخدمة المدنية، وتعزيز الرقابة على المؤسسات المملوكة للدولة، واتخاذ خطوات لتحسين توجيه الإنفاق الاجتماعي لحماية الشرائح السكانية محدودة الدخل. ورجح المديرون أن يظل التضخم معتدلا بينما تسمح السياسة النقدية التيسيرية باستمرار التعافي الائتماني. وأيد المديرون عزم السلطات على التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف وإطار جديد للسياسة النقدية، مما سيساعد الاقتصاد على استيعاب الصدمات الخارجية والحفاظ على التنافسية. وأشار المديرون إلى أن القطاع المصرفي لا يزال محتفظا بسلامة أوضاعه وكفاية رسملته، ولكنهم أكدوا الحاجة إلى مواصلة توخي اليقظة. ورحبوا بالجهود المستمرة التي يبذلها بنك المغرب لزيادة القدرات الرقابية بما يتوافق مع توصيات «برنامج تقييم القطاع المالي» لعام 2015، بما في ذلك الرقابة الاستشرافية والأكثر ارتكازا على المخاطر وتشديد متطلبات رصد المخصصات لمواجهة الخسائر. وأكد المديرون أهمية الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق. وسيكون من الضروري مواصلة الجهود لتعزيز بيئة الأعمال، بما في ذلك تحسين الحوكمة والتعليم والتدريب المهني، بغية تخفيض البطالة، وخاصة بين الشباب، وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل. وقال المديرون إنهم يتطلعون إلى مزيد من التقدم في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وفي تفعيل مجلس المنافسة.