بعد كل من «رونو» و «بوجو»، خطا المغرب، أول أمس، خطوة كبرى نحو استقبال عملاق صناعي ثالث في مجال النقل، ويتعلق الأمر هذه المرة بالمجموعة الصينية «بي. واي. دي أوطو إنديستري» التي وقع رئيسها وانغ شوانفو، أول أمس السبت، أمام جلالة الملك بالقصر الملكي بالدارالبيضاء، مذكرة تفاهم مع الحكومة المغربية، بهدف إنشاء مركب صناعي مندمج للسيارات والقطارات الكهربائية ب»مدينة محمد السادس طنجة تك» وهو المشروع الضخم الذي سيشيد على مساحة 50 هكتارا ويشمل أربعة مصانع، أحدها مخصص لإنتاج البطاريات الكهربائية، والثاني للسيارات الكهربائية، والثالث للحافلات والشاحنات الكهربائية، فيما سيخصص المصنع الرابع للقطارات الكهربائية المعلقة وحيدة السكة. وقال مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، خلال مؤتمر صحفي عقب توقيع مذكرة التفاهم، إن استثمار مجموعة بي .واي. دي في المغرب، والتي تعتبر رائدا عالميا للتكنولوجيا والابتكار في مجال الطاقات المتجددة، يعد اعترافا جديدا بالإمكانيات التي يتوفر عليها المغرب والتي باتت تخول له استقبال مستثمرين كبار من هذا الحجم. وأوضح العلمي أن الشراكة الصناعية الجديدة للمغرب مع مجموعة بيوايدي ستضع المغرب على عتبة تكنولوجيا مستقبلية، سواء في مجال الطاقات المتجددة، من خلال صناعات بطاريات التخزين، أو على مستوى وسائل النقل الكهربائية. كما أن هذا الاستثمار – يضيف الوزير – سيمكن المغرب من الاصطفاف في مراتب متقدمة في مجال تكنولوجيا النقل والتنقل الكهربائي، ليس فقط كمستهلك وإنما كفاعل صناعي بما أن جزءا كبيرا من منتوج المصانع الأربعة المزمع إنشاؤها سيوجه للتصدير. وفي جوابه عن سؤال ل «الاتحاد الاشتراكي» حول مدى جاهزية المغرب لاستقبال استثمار من هذا النوع ذي حمولة تكنولوجية عالية، خصوصا على مستوى توفير الموارد البشرية المؤهلة و تكوين الكفاءات العلمية المناسبة، قال مولاي حفيظ العلمي إن المغرب أصبح محط إشادة من طرف فاعلين دوليين في مجال التكنولوجيات الحديثة، وهذا بشهادة رؤساء لمجموعات دولية عملاقة مثل «سيمنس» و «بيجو» و»بومبارديي» الذين عبروا في مناسبات كثيرة عن إعجابهم بالمهندسين المغاربة الذين أبانوا عن قدرة عالية في مجالات تكنولوجية دقيقة. وحول تفاصيل المشروع الجديد، وحجم الاستثمار ، قال مولاي حفيظ العلمي إنه سيوفر في البداية أزيد من 2500 منصب شغل ، غير أن العلمي فضل إرجاء تدقيق الأرقام المتعلقة بالمشروع إلى حين استكمال تفاصيل أخرى سيعلن عنها لاحقا، واعدا بأن ما سيكشف عنه المستقبل بخصوص هذا المشروع الذي سينجز تدريجيا وبسرعة متفاوتة، سيكون أكبر بكثير مما أعلن عنه اليوم. وأوضح العلمي أن الشق المتعلق بمصنع البطاريات الكهربائية والطاقات المتجددة سيسير بسرعة كبيرة في حين أن الجانب المتعلق بالسيارات الكهربائية سيتطور حسب الطلب. وقال «بالنسبة للسيارة الكهربائية لا يمكن أن ندعي إنتاجا كبيرا في الوقت الحالي، لكننا نضع أسس قطاع مستقبلي سيعرف توسعا كبيرا في المستقبل». وأشار العلمي إلى أن العديد من العواصم العالمية تتجه إلى تشجيع السيارة الكهربائية، وأن بعضها قرر منع استعمال السيارات ذات المحركات الحرارية خلال السنوات المقبلة. وأضاف العلمي أن الدراسات الاستشرافية تشير إلى أن 20 في المئة من الطلب على السيارات الجديدة في أوروبا في سنة 2015 سيتجه إلى السيارات الكهربائية، ومن تم الموقع المتميز لمدينة محمد السادس «طنجة تيك» على بعد 14 كيلومترا من أوروبا، إضافة إلى كون المغرب يرتبط مع الاتحاد الأوروبي باتفاقية للتجارة الحرة. وأضاف العلمي أن القطارات المعلقة وحيدة السكة تمثل فرصة بالنسبة للمدن الكبرى في المغرب لتطوير منظومات نقل رفيقة بالبيئة وعلى درجة عالية من التكيف مع المجال الحضري. وقال «بالنسبة لهذه النوعية من القطارات لا نحتاج إلى إزالة عمارات وبناء طرق أرضية. فيكفي وضع أعمدة في وسط الشوارع الكبرى والتي ستحمل السكة الوحيدة المعلقة التي سيسير عليها القطار». وأضاف أن الدارالبيضاء وحدها ستحتاج خلال السنوات القادمة إلى 12000 حافلة للنقل الحضري، ويمكن لمصنع الحافلات الكهربائية الذي ستشيده بيوايدي في طنجة أن يستجيب لهذه الحاجيات عبر حافلات كهربائية أو قطارات معلقة. ويذكر أن مصانع بيوايدي الأربعة في «طنجة تك» ستوجه لاستيفاء حاجيات السوق المغربية وأيضا للتصدير، سواء بالنسبة للسيارات الكهربائية أو الحافلات أو الشاحنات أم البطاريات. وقال «لدينا قطاع متطور لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والذي تمكن، كما يتضح من الصفقات الأخيرة، من الوصول إلى إنتاج الكهرباء بتكلفة أقل من المحطات التي تعمل بمصادر الطاقة الأحفورية. والإشكالية الكبيرة التي تصادفها الطاقات المتجددة اليوم عندنا وعبر العالم هي إشكالية التخزين. وهذا بالضبط ما وجدناه عند بيوايدي، الحل التكنولوجي لهذه الإشكالية من خلال صناعة البطاريات».