يعيش المغرب اليوم حرب طرقات خطيرة يروح ضحيتها العديد من الأشخاص الأبرياء يوميا. فمن المؤسف جدا أن يصنف بلدنا في المرتبة الأولى عربيا والسادسة عالميا من حيث عدد حوادث السير التي تخلف وراءها العديد من الإصابات و حالات الوفاة فضلا عن الخسائر الاقتصادية التي تقدّر بمليارات الدولارات. ويرجع المختصون كثرة الحوادث المرورية ببلادنا إلى عدم تحكم السائقين في القيادة وعدم انتباه الراجلين وعدم احترام أسبقية اليمين والإفراط في السرعة وعدم الوقوف الإجباري عند علامة قف.إلى جانب إهمال الدولة لمجموعة من القوانين الصارمة في هذا المجال. كما يمكننا أن نرجع هذه الحوادث لأسباب منها تهور بعض السائقين الذين يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية (كشرب الخمر و تعاطي المخدرات...) وأيضا تساهل رجال الشرطة و الدرك مع المخالفين، انتشار الرشوة ، إلى جانب ضعف البنية التحتية للطرقات... وغيرها من الأسباب التي تحتم على الدولة و كل فعاليات المجتمع المدني التدخل ومضاعفة الجهود لوقف هذا النزيف من الأرواح ، وذلك بالعمل على تجهيز الطرقات ، تشديد الرقابة على المسؤولين ، نشر الوعي داخل المجتمع للتحسيس بخطورة هذه الحوادث ، تنظيم دورات تكوينية للسائقين ، و تطبيق سياسة عدم الإفلات من العقاب ، كما يجب أيضا الفصل بين تعلم قانون السير و السياقة. و للاقتراب بشكل أكبر من معاناة ضحايا حوادث السير و عائلاتهم ، ربطنا الاتصال بأم»إسراء» القاطنة بمدينة الناظور، هذه السيدة فقدت ابنتها «إسراء» ذات العشر سنوات بسبب تهور سائق سيارة حيث دهس الصغيرة وأودى بحياتها. سألنا أم «إسراء»بعدما انتظرنا بعض الوقت لعلّ دموعها تسمح لها بالحديث... «لقد فقدت فلذة كبدي وحرمت إلى الأبد من رؤيتها كما كنت أتخيلها عروسا في يوم من الأيام ، كان يوما كسائر الأيام روتينيا جدا ، استيقظنا كالعادة ، انقضى و قت الفطور كما الغذاء، وعند العصر خرجت صغيرتي رفقة أختها و ابنة خالتها للعب خارج البيت كما تفعل دائما ، وفي غالبية الأحيان تعود ملطخة ملابسها بالغبار فأعاتبها على ذلك و أهددها أنها هي ستقوم بغسلها عوض آلة الغسيل ، لكنّ الفاجعة التي كانت تنتظرني ذلك اليوم و التي لم تكن أبدا في الحسبان أن تعود فلذة كبدي ملطخة بالدماء جراء ضربة قوية تلقتها من سيارة أثناء محاولتها عبور الطريق الرئيسي قاصدة الدكان ، تهور ذلك السائق و عدم مسؤولية رجال دولتنا إذ لا علامات قف و لا إشارات ضوئية بالطريق أودى بحياة طفلتي وشاء أن يكون 23 غشت من هذه السنة أسوأ أيام حياتي، فقد فقدت ابنتي التي ماتت مرة واحدة لكني سأموت آلاف بل ملايين المرات في اليوم خصوصا عند مروري بمكان الحادث الذي لا تفصله عن بيتي إلاّ بضعة كيلومترات «هنا توقفت أم « إسراء عن الحديث حيث لم تسمح لها دموعها بقول المزيد ما بقي مضمرا كان أكثر مما أفصحت عنه من مشاعر اليأس و الإحباط و الانكسار... للأسف هذه الحالة تمثل نقطة في بحر شديد العمق ، فحوادث السير تخلف وراءها الآلوف من حالات متشابهة لهذه أو ربما أشد خطورة عندما يصاب الضحية بعاهات مستدامة ولا طريقة لعلاجها. هنا نجد السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو حوادث السير ببلادنا إلى أين؟ هل ستستمرّ إلى استنزاف دم آخر مواطن مغربي؟