العلاقة بين المجالس الجماعية والمواطنين، تؤطرها ترسانة قانونية غنية بالتشريعات، إلى جانب العديد من القرارات البلدية، التي تحدد الحقوق والواجبات، الاختصاصات والمسؤوليات، وحدود أدوار كل طرف التي يجب القيام بها، ومن بينها هذه القرارات التي جاءت ليكون لها تأثير إيجابي على المشهد اليومي للمدن، القرار الجماعي 2 / 2014 للجماعة الحضرية للدارالبيضاء، المتعلّق بتنظيف وصباغة الواجهات، الموقع عليه من طرف رئيس الجماعة السابق محمد ساجد، والمؤشر عليه من قبل والي الجهة آنذاك خاليد سفير، والذي يلغي قرارا بلديا سابقا حول نفس المضمون. القرار الجديد – القديم، الذي يعتبر ساري المفعول، والذي يخص واجهات البنايات والبقع الأرضية الفارغة، يؤكد على أن تنظيف وصباغة واجهات العمارات والبناءات والمحلات، وتجديد صباغتها هو أمر إجباري بالنسبة للمالكين، سواء بصفة فردية أو مشتركة، ويحدد اللون الأبيض لونا وحيدا لواجهات العمارات والبنايات الصناعية والتجارية والدور السكنية والمحلات، في حين خصص اللون الرمادي الفاتح أو اللون البني المفتوح بالنسبة للأبواب والنوافذ الحديدة والخشبية، بينما تصبغ الأبواب والنوافذ المصنوعة بالألمنيوم باللون الفضي، ويضيف القرار في فصله الثالث أنه يتعين على المالكين تنفيذ مضمون هذا القرار مرة كل 5 سنوات، لكن يتعين التدخل دون انتظار كل هذه المدة متى تبين على أن هناك ضررا يطال الواجهة، وبأنه لايجوز صباغة الواجهات المكسوة بالحجر أو الرخام أو بأية مادة أخرى ذات خصوصية جمالية، ويمكن الاكتفاء بدلا من الصباغة بعملية تنظيف دورية بواسطة مواد خاصة وملائمة. تأطير «تشريعي» يتعين أن يكون فيصلا لتصحيح العديد من المشاهد المختلة على مستوى واجهات بنايات، اختار أصحابها ألوانا خاصة بهم، بعيدا عن مقتضيات القرار الجماعي، وأخرى تعاني الإهمال منذ سنوات عديدة، تفوق العقد وحتى الجيل بالنسبة للكثير منها، بل وقد تتجاوز سنوات الإهمال هذا العدد، متّسخة، مغبّرة، تزيد من منسوب التشوه العمراني، في حين ببنايات أخرى اختار البعض أمام تعنت جيرانه أن يقوم بطلاء المساحة التي تخصه على مستوى الواجهة، كما هو الحال بالنسبة لبناية توجد بشارع رحال المسكيني فوق إحدى الحانات الشهيرة بالمدينة البيضاوية، وغيرها كثير في هذا الباب؟ جمالية مفتقدة، عن سبق إصرار وترصد من طرف عدد من ملاك العمارات، وإهمال مؤسساتي من طرف المصالح المختصة، الموكول لها الحرص على توجيه إشعارات للمعنيين بالأمر سواء من لدن الجماعة أو المقاطعات، مع إشعار بالتوصل لحثهم على تصويب المسخ العمراني الذي يساهمون فيه، وتحديد آجال لذلك، إذا لم يتم احترامها، يتم توجيه إنذار جديد، وفي حالة استمرار «العصيان» تقوم المصالح الجماعية بإنجاز الأشغال اللازمة على نفقة الملاكين المتخلفين أو المخالفين مع مايترتب على ذلك من مصاريف إضافية تعادل الخدمات التي قدمتها الجماعة، والتي يتم استخلاصها وفق المساطر والإجراءات الجاري بها العمل في مجال استخلاص الديون العمومية. قرار يحث كذلك ملاك البقع الأرضية العارية المتواجدة بالمدار الحضري للجماعة الحضرية للدارالبيضاء، تسييج وتسوير هذه البقع وصباغة جدرانها وتجديد صباغتها وفق الشروط المشار إليها بالقرار تحت طائلة نفس التدابير التي تهم واجهات البنايات، إلا انه ورغم ذلك تبقى العديد من البقع عرضة للإهمال، بل وتصبح وكرا للمشردين والمنحرفين وفضاء للعديد من الممارسات الشائنة التي تستوجب تتبعا وحرصا امنيا تفاديا لما لاتحمد عقباه. إنها وضعية مباني الدارالبيضاء، كبرى المدن وعاصمة المغرب الاقتصادية، واجهات بنايتها في عدد من الأحياء عبارة عن قوس قزح، وفي شوارع رئيسية، في حين يكتشي السواد جلّها، في مشهد يبعث على الكآبة القابلة لأن تزول ويحلّ محلّها الانشراح، وهو الأمر الذي يمكن أن يلامسه المارة من شارع محمد السادس، إذ شرعت بعض البنايات المجاورة للقصر الملكي، وأخرى على مستوى زنقة العباسيين، في تغيير حلّتها وتجديد لون واجهاتها مما لفت الانتباه واكسب محيطها بياضا ينهل من تسمية المدينة الواجب ان تضل مضيئة لا أن يلفّها السواد، وهي الخطوة التي يتعين أن تشمل كل العمالات والمقاطعات البيضاوية، حتى يسهم كل من موقعه في منح المدينة ولو جزءا يسيرا من جمالية مفقتدة!