منذ الفياضات التي عرفها إقليم بولمان سنة 2008، وهو يعرف فترة جفاف حادة و مستمرة و خاصة دوائر أوطاط الحاج وميسور، حيث التساقطات المطرية و الثلجية منعدمة نظرا لموقع هذه الدوائر الجغرافي ذات المناخ الشبه صحراوي مع العلم أن جل سكان الإقليم النشيطين يعتمدون على الفلاحة و الخاصة في شقها المتعلق بتربية الماشية ، هذا النشاط الذي كان يعرف خلال سنوات السبعينيات و الثمانيات من القرن الماضي ازدهارا كبيرا وموردا أساسيا لغالبية سكان الإقليم حيث رؤوس الأغنام كانت تعد عند بعض الكسابة بالآلاف و خاصة بدائرة أوطاط الحاج ( قبائل الطوال ، أولاد البوكايس، أهل تكور ، أولاد سيدي زيان ..إلخ). وكذالك الشأن بدائرة ميسور ولقصابي حيث يعتبر النشاط الرعوي أهم مصدر لكسب الرزق بالنسبة لقبائل أولاد خاوة والهمال وأولاد البكري، أما نشاط تربية الإبل فقد حظي باهتمام هذه القبائل جميعها بالإضافة إلى الاعتناء بأنشطة أخرى لها دور تكميلي كتربية الخيول الأصلية نظرا لرمزيتها وحاجة سكان هذه القبائل إليها لركوبها من أجل التباهي بها في أفراحهم الخاصة أو في المهرجانات المحلية و الإقليمية و الوطنية ، كما تلعب البغال والحمير دورا أساسيا حيث يعتمدون عليها في التنقل و الترحال من مكان لآخر بحثا عن الكلأ و الماء ، وحتى الكلاب لها دورها في حياة هؤلاء الرحل و الكسابة فهي تلعب دورا أساسيا في القطيع تتمثل في حماية و حراسة القطيع من الوحوش المفترسة ، كما أن كلاب الصيد ( السلوقي ) كان لها دورا في تحسين مستوى عيش الرحل و الكسابة عن طريق اصطياد الوحيش و الطرائد. هذه الأنشطة تعتبر ضرورية و مكملة لبعضها البعض في حياة الرحل و الكسابة بإقليم بولمان ، لكنها مع توالي سنوات الجفاف التي عرفها الإقليم منذ سبعينيات القرن الماضي، وفي غياب أي دعم حقيقي لفلاحي الإقليم وخاصة منذ مجيء الحكومة الحالية ، حيث اختفت جميع البرامج الحكومية التي كانت تساند الفلاح بالإقليم و تقف إلى جانبه في بعض الفترات العصيبة والجافة التي يعرفها الإقليم، كبرنامج محاربة الجفاف الذي كان يخلق فرصا للشغل تعوض الفلاح بعض ما يلحقه من الأضرار الناتجة عن الجفاف ، وكذا غياب أي دعم حقيقي للفلاح و خاصة الكسابة منهم ، حيث كانوا يستفيدون في مثل هذه الأحوال من الأعلاف المدعمة من طرف الدولة و بكميات كبيرة جدا، كانوا يحافظون من خلالها على قطعانهم كما كانوا يساهمون في تزويد الأسواق المحلية باللحوم الحمراء التي تحتاج إليها فأمام توالي فترات الجفاف على الإقليم و في غياب أي دعم حقيقي و جاد من طرف المسؤولين والمشرفين على القطاع، لم يبق أمام هؤلاء الكسابة وخاصة بدائرتي أوطاط الحاج وميسور سوى الرضوخ لمشيئة الله والاستسلام للأمر الواقع، حيث بدؤوا يتخلون عن هذه الأنشطة تدريجيا و خاصة في السنوات الأخيرة، بعد أن عرفت أسعار الأعلاف ارتفاعا صاروخيا انسجاما مع ارتفاع أسعار المواد الأولية بالأسواق العالمية و كذا الزيادات المتتالية في سعر المحروقات وطنيا الذي زاد من تكلفة نقل هذه المواد. ونتيجة عدم تدخل الدولة وترك الحبل على قارب الفلاح البسيط، فبعد أن كانت قطعان بعض الكسابة تعد بالآلاف و خاصة بدائرتي أوطاط الحاج و ميسور أصبحت الآن تعد بالعشرات فالإبل والخيل أصبحت مهددة بالانقراض ونحمد الله أن كلاب الصيد (السلوقي) بقيت صامدة في وجه هذه الآفة الخطيرة، بل شرفتنا وهي تحتل المراتب الأولى و طنيا و المراتب الثانية دوليا في إحدى المسابقات. بل أن الكثير من هؤلاء الكسابة تخلوا عن هذه الأنشطة بالمرة وشكلوا أحزمة من البؤس و الفقر حول مدن أوطاط الحاج ومدينة ميسور دوار المراير السفلى و دوار المراير العليا، ودوار الزاوش..) متحينين بعض فرص الشغل النادرة في قطاع البناء أو التشبث بمهنهم الأصلية والتي تتمثل في امتهان حرفة البيع و الشراء في الماشية ببعض الأسواق الأسبوعية بالإقليم، إلا أن هذه الأنشطة سرعان ما تصطدم بالواقع المر الذي يعرفه الإقليم خاصة في مجال العقار، والمتمثل في انعدام تجزئات سكنية تلبي حاجيات ساكنة الإقليم وخاصة في ظل العشوائية والتطاول من طرف مافيا العقار وكذالك النصابين والمحتالين على الأراضي السلالية التي تشكل أهم الوعاء العقاري بالإقليم ناهيك عن المضايقات و الملاحقات ولا مبالاة السلطات التي تعاني منها سكان أحزمة البؤس من طرف أعوان السلطة والمسؤولين، حيث أن أعينهم تبقى مفتوحة على هؤلاء البؤساء والمغلوبين على أمرهم ليل نهار ، بل الأنكر من ذلك أن هذه العيون تغض الطرف على أصحاب النفوذ والامتيازات وهم يقومون بخرق لقانون التعمير على مرمى حجر من مقر باشوية ميسور، زيادة على انعدام الأمن بهذه الأحزمة حيث تعرف بين الفينة و الأخرى بعض الجرائم المتمثلة في الضرب والجرح، ولعل فك لغز جريمة ارتكبت في حق سيدتين اثنتين بحي المراير السفلى منذ أكثر من عقد من الزمان و نيف، حيث تم ذبحهما كالشاة من الوريد لازال يقض مضجع الجهات المعنية بهذا الملف، حيث أمل السكان هو وضع يد العدالة على مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء كما يأمل سكان هذه الأحياء المهمشة من الجهات المسؤولة إعادة هيكلة جميع الأحياء الهامشية بالإقليم ، حيث ينعموا بالأمن والطمأنينة و الاستقرار.