أجزاء المخ المعنية بالحركة تنمو بوتيرة أسرع من الأجزاء المرتبطة بالذاكرة، ويزداد المخ نشاطا بالعمل ويتعطل بالكسل مثله مثل أي عضو بشري يضم الجسم الكثير من العضلات، التي تعينه على أداء مهامه الحياتية، ويشارك الإنسان الحيوان في هذه المكونات العضلية، وكل عضلة من عضلات الجسم لها مهام ووظيفية محددة، ولكي تؤدي وظيفتها على أتم وجه يجب الحفاظ على سلامتها ولياقتها، وذلك بتوفير عناصر التغذية اللازمة وبأداء تدريبات شبه مستمرة حتى لا تضعف وتصاب بالوهن، ومن المعروف أن المخ هو سيد الجسد والروح, إذ به كرّم الله الإنسان عن باقي المخلوقات، وتعد صلة المخ بكافة أجهزة الجسم هي الوسيلة الأساسية التي تمكنها من القيام بوظائفها، وذلك بتواصلها معه عبر الجهاز العصبي، لذلك فإن أي إصابة يتعرض لها المخ تؤدي إلى ضرر ببقية أعضاء الجسم. من الناحية العلمية فالمخ هو القسم الأكبر والأهم من الجهاز العصبي المركزي, حيث يتشكل من نصفي كرة مخيتين منفصلتين يرتبطان بجسر عصبي وهو عبارة عن حزمة عريضة من الألياف العصبية البيضاء. ويهتم المخ بشكل عام بالوظائف الإدراكية والحسية والعقلية ووظائف اللغة، ولا يتعدى وزن المخ في المتوسط 1400 غرام لدى الإنسان البالغ، أما عند الولادة فيكون حوالي 350 غراما، ويعني ذلك أنه يشكل حوالي 2 بالمئة من الوزن الإجمالي لجسم الإنسان كله، ورغم ذلك فإنه نظرا لأهمية وظائفه وطبيعتها يحصل على أكثر من 15 بالمئة من غذاء الإنسان عن طريق الدورة الدموية. يعتبر المخ عضلة من عضلات الجسم التي تبدأ في التكون منذ بدايات تكون الجنين في رحم الأم ثم ينمو ويكبر بشكل مواز لنمو جسم الطفل، غير أن دراسة علمية حديثة أجريت في الولاياتالمتحدة، أظهرت أن المخ البشري ينمو بسرعة أكبر بعد الولادة، ويصل إلى نصف حجمه عند الكبار في غضون 3 أشهر. وذكرت الدراسة، التي نشرت في دورية "جاما" لعلوم الأعصاب، أنه باستخدام تقنيات المسح الضوئي المتقدمة، وجد الباحثون أن مخ الذكور ينمو بسرعة أكبر مقارنة بالإناث الرضع. وأوضحت الدراسة، أن الأجزاء المعنية بالحركة تنمو بوتيرة أسرع، في حين تنمو الأجزاء المرتبطة بالذاكرة ببطء أكبر. وكان الأطباء على مدى قرون يقدرون نمو المخ باستخدام شريط قياس لرسم محيط رأس الطفل بمرور الوقت، حيث يتم رصد أي تغييرات على أنماط النمو الطبيعي عن كثب لأنها يمكن أن تعكس وجود مشاكل في عملية النمو ولكن هذه القياسات ليست دقيقة بسبب اختلاف أشكال الرأس. المخ البشري ينمو بسرعة أكبر بعد الولادة، ويصل إلى نصف حجمه عند الكبار في غضون 3 أشهر ويقول العلماء إن جمع هذه البيانات قد يساعد على تحديد العلامات المبكرة لاضطرابات النمو، مثل التوحد. وفحص الباحثون بقيادة علماء من جامعة كاليفورنيا أدمغة 87 طفلا يتمتعون بصحة جيدة فور ولادتهم وحتى بلوغهم عمر الثلاثة أشهر، ووجدوا أن التغيرات تكون أسرع بعد الولادة مباشرة، إذ نمت أمخاخ الأطفال حديثي الولادة بمعدل 1 بالمئة في اليوم، وتباطأ هذا المعدل ليصل إلى 0.4 بالمئة في اليوم في نهاية فترة الثلاثة أشهر. كما لاحظ العلماء، خلال هذه الدراسة، أن أمخاخ الأطفال الذين ولدوا مبكرا تكون أصغر بنسبة 4 بالمئة مقارنة بمن ولدوا بعد فترة حمل كاملة. ويقول الباحثون إن تسجيل مسار النمو الطبيعي لأجزاء المخ قد يساعد على فهم أفضل لكيفية حدوث الاضطرابات في وقت مبكر. ووجدوا أن المخيخ، وهو جزء من المخ مسؤول عن وظائف التوازن والحركة، ينمو بأعلى معدل مقارنة بالأجزاء الأخرى، إذ تضاعف حجمه خلال فترة ال90 يوما. وقال الدكتور مارتن وورد بلات، وهو طبيب أطفال استشاري في مستشفى فيكتوريا الملكي في نيوكاسل: "هذه المرة الأولى التي تنشر فيها بيانات دقيقة حول كيفية نمو مخ الأطفال بطريقة لا تعتمد على دراسات ما بعد الوفاة أو أساليب مسح أقل فعالية". وأضاف بلات، الذي لم يشارك في البحث: "ينبغي أن تقدم الدراسة معلومات مفيدة، لأن هذه الفترة مهمة للغاية فيما يتعلق بالنمو.. نحن نعرف، على سبيل المثال، أنه إذا كانت هناك صعوبات وقت الولادة، فإن ذلك قد يبطئ نمو الطفل خلال الأشهر القليلة الأولى". ويتحقق العلماء الآن مما إن كان تناول الكحوليات والمخدرات أثناء فترة الحمل يؤثر على حجم المخ عند الولادة أم لا. ويعد الجزء الأبطأ نموا في المخ هو الجزء المسؤول عن الذاكرة في الدماغ، وهو من الأهمية بمكان حيث تعد الذاكرة الجهاز التنسيقي لكل عمليات المخ المعقدة والتي تتضمن كل خبرات الإنسان الحياتية التي اكتسبها عبر سنوات ومنها ذكرياته، ولعل أهم ما يبقي الذاكرة في حالة صحية جيدة هو ما يمكن أن نسميه بتكوين الصورة الذهنية للحظة الحدث، وتكوين الصورة الذهنية يمر بعدة عمليات ذهنية وقتية وذلك بالتوقف وتشكيل ما يشبه الفيلم التصويري لما يحدث ومن ثم تخزين أو تسجيل ذلك في المخ، وتنقسم الذاكرة إلى قسمين واحد متعلق بتسجيل الصور عبر البصر أي العيون، ويطلق عليها الذاكرة البصرية أو الفوتوغرافية وآخر سمعي متعلق بحاسة السمع والأذنين. تسجيل مسار النمو الطبيعي لأجزاء المخ قد يساعد على فهم أفضل لكيفية حدوث الاضطرابات في وقت مبكر ويقول الأطباء المختصون في الأعصاب والمخ إن مهام عضلات المخ مختلفة وكثيرة ومنها الخيال والتمييز والتتابع واللغة والحساب والمنطق والاستنتاج وغيرها.. وللمحافظة على لياقة هذه العضلات وصحتها أو إعادة تأهيلها يجب أن نتعامل معها كباقي عضلات الجسم من خلال التمارين والتدريبات المحددة والموجهة, حيث تغطي كل هذه العضلات ولا يهمل الإنسان بعضها فتصاب بالضمور. ويؤكد المختصون أن المخ مثله مثل أي عضو بشري يزداد نشاطا بالعمل ويتعطل بالكسل، فالمخ عندما يتمرن ويفكر ويشتغل بشكل جيد يكون قادرا على القيام بعمليات حسابية معقدة وفي وقت قياسي وبأعداد هائلة، حيث يحتوي هذا العضو على ملايين الخلايا التي تقوم بتخزين بلايين المعلومات مثل المساح الضوئي فهو يعمل ليحفظ كل ما يمر به الإنسان خلال اليوم. إن كل ما يحتاجه المخ هو التمرين لكي يصبح أكثر نشاطا وفاعلية ولكي تتجاوز الذاكرة مسألة النسيان ولكي تتقوى وتتحسن خاصة مع تقدم الإنسان في السن. وكالات