دافع عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، على ضرورة الانخراط في إصلاح نظام سعر صرف الدرهم في اتجاه مزيد من المرونة، ووجه العتاب إلى الحكومة على تعليق هذا الإصلاح إلى أجل غير مسمى منذ يونيو الماضي. كما رد الجواهري بحزم، خلال ندوة صحافية مساء الثلاثاء، على المبررات التي قدمتها البنوك لتفسير عمليات الشراء المكثف لليورو مقابل الدرهم خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، والتي أدت إلى استنزاف الرصيد الاحتياطي للعملة الصعبة لدى بنك المغرب، وشكلت سببا مباشرا في عرقلة إصلاح نظام سعر الصرف. وكان رؤساء بعض البنوك المغربية قد برروا تلك العمليات بالاستجابة لطلبيات العملاء، مشيرين إلى أن البنوك لم تقم بأية عمليات مضاربة على سعر الدرهم. وفي رده قال الجواهري إن البنوك لا يمكنها القيام بعمليات خارجة عن القانون بذريعة أن الزبائن طلبوا منها ذلك. وأضاف أنه تدخل عندما لاحظ بأن عمليات بيع الدرهم مقابل العملة الصعبة كانت تتم بأحجام لا تتناسب مع احتياجات التجارة الخارجية للبلاد، مشيرا إلى أن مكتب الصرف، وهو هيئة مستقلة عن بنك المغرب، سجل نفس الملاحظة واتخذ على إثر ذلك قرارا بإجراء تحقيق حول هذه العمليات. أما في ما يتعلق بالتأخير في إطلاق الإصلاح، والذي كان مقررا في يونيو، فأشار الجواهري إلى أنه لم يكن متوقعا. وأوضح أنه اجتمع مع رئيس الحكومة في اليوم الثاني من عيد الفطر في بيت هذا الأخير، رفقة أعضاء اللجنة المشتركة بين الحكومة والبنك المركزي المكلفة بقيادة مشروع إصلاح سعر الصرف. وجرى خلال هذا الاجتماع تقديم الإصلاح ومناقشته مع رئيس الحكومة. وكان مقررا أن يعقد الجواهري رفقة وزير المالية ندوة صحافية في اليوم الأخير من يونيو الماضي للإعلان عن انطلاق الإصلاح إلا أن الندوة ألغيت في آخر لحظة لتعلن الحكومة عن تعليق الإصلاح. وفي خضم إجابته عن أسئلة الصحافيين حول أسباب هذا التعليق، ألمح الجواهري إلى أنه منذ ذلك الحين لم يلتق بالعثماني، وأن البنك المركزي لم يتلق أي طلب من الحكومة لإجراء دراسات تكميلية للمشروع أو مدها بمعلومات إضافية. وقال «نحن مستعدون للقيام بأية دراسات أخرى تطلبها الحكومة». كما أكد الجواهري أنه سيحضر خلال الأسبوع القادم الاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن المؤسسات المالية الدولية ووكالات التنقيط ستثير لا محالة هذه الإشكالية. وقال الجواهري إن إصلاح نظام سعر الصرف ضروري لأنه يرتبط بالإصلاحات الرامية إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي ومناعته إزاء تداعيات الصدمات الخارجية. وأضاف أن على المغرب أن يقوم بهذه الإصلاحات الهيكلية إذا أراد أن يتقدم، مشيرا إلى أن بإمكان المسؤولين أن يستكينوا «لكراسيهم الوثيرة وأجورهم العالية» دون القيام بشيء، غير أن «دولا أخرى منافسة ستسبقنا وتقوم بهذه الإصلاحات». وقال «إذا كان سبب تأجيل الحكومة لمشروع الإصلاح هو رغبتها في تعميق البحث حول مختلف جوانبه قبل الشروع فيه وقيادته إلى منتهاه، فهذا أمر جيد. وأنا أفضل حكومة تأخذ وقتها قبل الدخول في تنفيذ الإصلاح وهي عازمة على السير به إلى النهاية، على حكومة تنطلق في الإصلاح لتتخلى عنه في منتصف الطريق بسبب ظهور مشاكل لم تأخذها بالحسبان». وفي ما يخص نتائج اجتماع مجلس البنك المركزي، أشار الجواهري إلى أنه بعد تحليل الأوضاع الاقتصادية الوطنية والدولية، اعتبر أن المستوى الحالي لسعر الفائدة الرئيسي المحدد في نسبة 2.25 في المئة لا يزال ملائما وقرر الإبقاء عليه. وحول آفاق التضخم أشار الجواهري إلى أن معدل هذا الأخير نزل بحدة في الأشهر الأخيرة من 1.9 في المئة خلال الشهرين الأولين من السنة إلى 0.3 في المئة حاليا، وذلك بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية. وتوقع أن ينهي معدل التضخم العام الحالي في مستوى 0.6 في المئة وأن يرتفع إلى 1.3 في المئة في 2018. وبخصوص النمو الاقتصادي، توقع الجواهري أن يبلغ 4.3 في المئة خلال العام الحالي، مقابل 1.2 في المئة في العام الماضي، مستفيدا من ارتفاع معدل نمو القطاع الفلاحي بنسبة 14.7 في المئة عوض انخفاض بنسبة 12.8 في المئة في 2016، ونمو القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية بنسبة 2.9 في المئة مقابل 2.2 في المئة العام الماضي.