كابول: توعدت حركة طالبان الثلاثاء بان افغانستان ستكون "مقبرة" للولايات المتحدة ردا على خطاب للرئيس الاميركي دونالد ترمب عرض فيه استراتيجية جديدة تقضي بإرسال تعزيزات عسكرية إلى هذا البلد. وقال المتحدث باسم المتمردين ذبيح الله مجاهد في بيان "اذا لم تسحب الولاياتالمتحدة جنودها من افغانستان، فان افغانستان ستصبح قريبا مقبرة اخرى لهذه القوة العظمى في القرن الواحد والعشرين". وأضاف المتحدث أن على الولاياتالمتحدة التفكير باستراتيجية انسحاب "بدلا من متابعة الحرب". وقال مجاهد "طالما هناك جندي أمريكي واحد على ارضنا، وطالما أنهم مستمرون بالحرب ضدنا، سنستمر في جهادنا". وتراجع ترامب الاثنين عن وعد كان قطعه بالانسحاب سريعا من أطول الحروب الأمريكية في أول خطاب رسمي له إلى الأمة كقائد اعلي للقوات المسلحة، بدون إعطاء أي تفاصيل. وقال ترامب إنه توصل لقناعة بأن انسحابا متسرعا من أفغانستان سيوجد فراغا يستفيد منه "الإرهابيون" من عناصر القاعدة وتنظيم داعش. وفي حين لم يعط ترامب تفاصيل حول عديد الجنود الأمريكيين الذين سينتشرون في أفغانستان، قال مسؤول أمريكي كبير إن الرئيس الأمريكي أعطى الضوء الأخضر للبنتاغون من أجل نشر تعزيزات يصل عددها إلى 3900 جندي إضافي. وقبل إصدار البيان، هاجم ذبيح الله مجاهد الاستراتيجية الأمريكية معتبرا أنها "لا تحمل جديدا وشديدة الالتباس". وأكد احد كبار قادة طالبان لفرانس برس ان ترامب يشكل امتدادا "للسلوك المتعجرف" للرؤساء السابقين كجورج بوش. وتابع المسؤول "انه يهدر (أرواح) الجنود الأمريكيين. نحن نعلم كيف ندافع عن بلدنا. لن يغير ذلك شيئا". وقال المسؤول عبر الهاتف ومن مكان غير معلن "لقد خضنا هذه الحرب على مدى اجيال، نحن لسنا خائفين… سنتابع خوض هذه الحرب حتى آخر رمق". واضاف ان خطاب الرئيس الأمريكي اثبت ان الحكومة الافغانية الحالية مجرد "دمية أمريكية". واظهر المتمردون نواياهم حيال استراتيجية ترامب بعد دقائق من خطابه باعلانهم استهداف السفارة الأمريكية في كابول بصاروخ ليل الاثنين. وسقط الصاروخ في حي السفارات بدون ان يؤدي الى سقوط ضحايا. ووجه ترامب انتقادا لباكستان حليفة الولاياتالمتحدة لإيوائها "مثيري فوضى". وقال أحد قادة شبكة حقاني المرتبطة بحركة طالبان والتي يُعتقد ان لديها علاقات مع المؤسسة العسكرية في باكستان ان ترامب "اثبت انها حملة صليبية"، مؤكدا أن "خطابه أثبت انه يريد القضاء على الامة الاسلامية". وكانت حركة طالبان وجهت رسالة مفتوحة لترامب حذرته فيها من تداعيات ارسال المزيد من الجنود الامريكيين وطالبت بانسحاب كامل لجميع القوات الاجنبية من افغانستان. إذا كان تواجد مئة الف جندي أمريكي في أفغانستان خلال السنوات الماضية لم يعط واشنطن وحليفتها كابول انتصارا كاملا على طالبان، فهل إرسال بضعة الاف من العسكريين للانضمام إلى ثمانية الاف اربعمئة عسكري يتواجدون حاليا في أفغانستان كاف لإلحاق الهزيمة النهائية بطالبان والجماعات الإرهابية. الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تحدث كثيرا خلال حملته الانتخابية عن الحروب الخارجية التي تخوضها الولاياتالمتحدة، وتكلم أكثر من مرة عن أفغانستان مصوبا بشكل مباشر على الرئيس الاسبق باراك أوباما وادراته، ولكن يبدو انه عاد ليتبع سياسة أسلافه، جورج بوش الابن، واوباما، فالقرار كما تبين لا يزال بيد العسكريين. انتصار جديد للجنرالات استراتيجية واشنطنالجديدة تجاه أفغانستان لم تحمل أي جديد، سوى التصويب على باكستان، وتأكيد فريق الجنرالات بالبيت الأبيض علو كعبهم، وهم الذين تمكنوا في نهاية المطاف من فرض الخطة التي ارادوها رغم كل المعارضة التي اظهرها ستيف بانون، كبير مساعدي الرئيس للشؤون الاستراتيجية. خلال إعلانه الاستراتيجية، قال ترامب "حدسي كان الانسحاب، وفي العادة أنا أتبع حدسي لكن الانسحاب سيؤدي إلى فراغ يستفيد منه الارهابيون"، وفي الوقت الذي رفض فيه ترمب الحديث عن عدد الجنود المنوي ارسالهم الى أفغانستان، كشفت شبكة فوكس ان الرقم يبلغ أربعة الاف جندي. كما اعتبر ترامب ان باكستان "غالبًا ما تشكل ملجأ لعناصر الفوضى والعنف والترهيب". مؤكدا"انها ستخسر كثيرًا إذا واصلت إيواء مجرمين وإرهابيين يزعزعون أمن أفغانستان المجاورة، ومشددًا على "ضرورة تغير هذا الوضع فورًا". مقاولون عسكريون أفغانستان شكلت نقطة خلاف كبيرة بين اركان الإدارة طوال الأشهر الماضية، فبانون حاول تسويق خطة تقوم على التعاقد من مقاولين عسكريين (شركات على شكل بلاك ووتر)، لكن وزير الدفاع، جيمس ماتيس، ومستشار الامن القومي، هيربرت ماكماستر رفضا الخطة بشدة، وانضم الى الرافضين عدد من المشرعين في الكونغرس، وأيضا الرئيس الافغاني، أشرف غني. إريك برينس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة بلاك ووتر واحد داعمي فكرة الاستعانة بمقاولين عسكريين، قال ان البنتاغون عاد ليستعين بخطة ارسال المزيد من العسكر، وانفاق المزيد من المال، وهو نفس الجنون الذي اتبع طوال الأعوام الستة عشر الماضية". وأشار،" الى اننا نقترب من إنفاق تريليون دولار في أفغانستان، ولدينا ترليون آخر ستنفق كتكاليف رعاية صحية على المحاربين والجرحى الذين قاتلوا هناك"، متابعا،" الخطة التي قدمتها للرئيس توفر في كل عام ما لا يقل عن 40 مليار دولار من مجمل ما ينفقونه فى أفغانستان سنويا". وأضاف، "هذه اطول حرب امريكية، انها مكلفة بشكل كبير، ونحن لا الفوز. على كل ناخب، وكل دافع للضرائب الضرائب، ومن لديه ابن أو ابنة في الخدمة العسكرية ان يسأل، ماذا نفعل في أفغانستان"؟. انتصار الجنرالات في البيت الأبيض، يعد انتصارا أيضا للجنرال جون نيكولسون قائد القوات الأمريكية وقوات الناتو فى أفغانستان، فالأخير تعرض لانتقادات كبيرة في الآونة الأخيرة بعد الخسائر التي لحقت بالقوات الأمريكية، وطالب العديد بطرده من منصبه وتعيين مستشار الأمن القومي، هيربرت ماكماستر بدلا منه. لكن وزير الدفاع الأمريكي خرج مدافعا عن قائده في أفغانستان حيث قال ردا على سؤال حول الثقة التي يتمتع بها نيكولسون، " هو قائدنا في الميدان ولديه ثقة الناتو وثقة افغانستان وثقة الولاياتالمتحدةالأمريكية". نيكولسون يمتلك رؤية مشتركة مع وزير الدفاع جيمس ماتيس، فقد أكد حاجته إلى بضعة آلاف من الجنود، وتوجه إلى الأفغان الأحد في احتفال أقيم بقاعدة تدريب للكوماندوس الافغاني جنوب شرقي كابول بالقول، "اننا معكم وسنبقى معكم". الانتصار الأمريكي الموعود ترامب الذي سأل أكثر من مرة عن سبب استمرار أمريكا في حرب أفغانستان بعد ستة عشر عاما على انطلاق الحرب هناك، يبدو انه اقتنع في نهاية المطاف بكلام مسؤوليه العسكريين الذين أخبروه، "أن الانتصار يعني تأمين أراضي الولاياتالمتحدة، وإبعاد شبح ضربات قد تشبه تلك التي وقعت في الحادي عشر من شتنبر".