في إطار ورش صيانة الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية، وسيرا على المبادرات الثقافية التي تعمل النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالقنيطرة على تنظيمها، تم تنظيم ندوة علمية بشراكة مع مؤسسة سيدي مشيش العلمي وجمعية الدفاع عن الذاكرة الجماعية لمدينة القنيطرة ونواحيها في موضوع «الذكرى 60 لانتفاضة مدينة القنيطرة يوم 07 غشت 1954 ضد الاستعمار الفرنسي»، وذلك عصر يوم الخميس 07 غشت 2014 بمقرمؤسسة سيدي مشيش العلمي . وساهم في فعاليات هذه التظاهرة العلمية صفوة من الأساتذة الباحثين والمهتمين بالتاريخ والذاكرة من خلال تناولهم لموضوع انتفاضة مدينة القنيطرة سنة 1954 بالبحث والتنقيب في مختلف الجوانب التي تحكمت في صنع هذا الحدث التاريخي البارز والتي أبان فيها سكان القنيطرة إلى جانب الوطنيين ورجال المقاومة عن تشبث قوي بقضية الدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها متحدين في ذلك قوى الاستعمار الغاشم مسترخصين أرواحهم في سبيل استقلال الوطن وعودة السلطان محمد بن يوسف من المنفى السحيق. ويأتي انخراط المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في تنظيم وأحياء مثل هذه المنتديات الفكرية كتوجه هادف إلى توثيق وتدوين فصول مشرقة وأحداث باسقة في سجل الكفاح الوطني ضد الاستعمار خدمة لمشروع إشاعة قيم الوطنية الحقة والمواطنة الايجابية في صفوف الناشئة والشباب والأجيال الجديدة في جو من التعاون والشراكة مع المؤسسات التعليمية والجامعة ومنظمات المجتمع المدني ومختلف الفعاليات والهيآت المهتمة بالمجال التاريخي والتربوي والتثقيفي. لقد تم افتتاح هذه الندوة العلمية بآيات بينات من القرآن الكريم وبكلمة للجنة المنظمة قدمها السيد عبد الرحمان الصياد والذي قدم فيها حيثيات تنظيم الندوة والأهمية التي يحملها موضوعها في مدينة القنيطرة كما رحب بالمشاركين فيها وعلى رأسهم مصطفى الكتيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير. وفي كلمة له بالمناسبة عبر مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، عن اعتزازه الكبير للمشاركة في أشغال هذه الندوة العلمية التي عالجت موضوع انتفاضة مدينة القنيطرة يوم 07 غشت 1954 ضد الاستعمار الفرنسي، متمنيا في مستهل كلمته الافتتاحية مزيدا من اللقاءات والمنتديات الفكرية للتعريف بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير من أجل تدوين وصيانة الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية. وأوضح في معرض كلمته أن منطقة الغرب وبخاصة مدينة القنيطرة تعد ثالث منطقة على الصعيد الوطني في مواجهة الاستعمار بعد مكناسوالدارالبيضاء، ويسجل لها التاريخ العديد من الأسماء البارزة في الحركة الوطنية والمقاومة منهم معتقلون وشهداء، والذين جسدوا أروع مواقف التضحية والفداء، كمحمد الديوري وغيره. كما عرج على الزيارة الملكية للمغفور له محمد الخامس لمدينة القنيطرة بعد عودته المظفرة من المنفى في 20 شتنبر 1956 والتي تعد مفخرة لهذه الربوع المجاهدة، وتأكيدا من المغفور له محمد الخامس على الأدوار الطلائعية التي لعبتها القنيطرة في ملحمة الكفاح الوطني. وختتم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بضرورة تعميق البحث في المجال التاريخي بتعاون بين الباحثين والدارسين ومنظمات المجتمع المدني والعمل على نشر ثقافة المقاومة ومبادئ المواطنة والوطنية الحقة في صفوف الناشئة والشباب والأجيال الصاعدة. وفي كلمة له بالنيابة عن مصطفى مشيش العلمي، أكد عبد الحميد الحيمر على أهمية مثل هذه التظاهرات في التعريف بفصول التاريخ المغربي التليد وعلى استعداد مؤسسة سيدي مشيش العلمي الدائم على التعاون والعمل المشترك في إحياء وتنظيم الندوات والملتقيات العلمية الهادفة إلى معالجة أحداث مهمة من تاريخ مدينة القنيطرة. وقدم الوطني البارز ميلود المساوي شهادة حية أحاط فيها بمختلف الأحداث التي شهدتها القنيطرة إبان الاحتلال الأجنبي للمغرب، وخاصة حادثة تفكيك السكة الحديدية للقطار السريع الرابط بين الدارالبيضاء والجزائر في 23 غشت 1953 بالقنيطرة باعتباره فاعلا أساسيا في التخطيط لها، والتي جاءت كرد فعل مباشر وفوري لمؤامرة 20 غشت 1953 مشيدا بروائع الكفاح الذي يحفظه التاريخ لثلة من رموز المقاومة بالقنيطرة. وفي مداخلة له بالمناسبة تحدث الأستاذ الباحث في التاريخ عبد القادر بوراس عن الحيثيات والظروف المحلية والوطنية والدولية التي جعلت من مدينة القنيطرة قنبلة موقوتة في وجه الاستعمار الفرنسي ورموزه وكذا عن العوامل المتحكمة في اندلاع انتفاضة القنيطرة وما نتج عنها من ردود وما ذاقه رموزها من اعتقال وتعذيب وعن شهدائها الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن. هذا، وترأس المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بنفس المناسبة حفل تكريم ثلة من رموز الحركة الوطنية والمقاومة وكذا مراسم توزيع إعانات مالية ومساعدات اجتماعية على عدد من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير المستحقين للدعم المادي والاجتماعي التابعين للنفوذ الترابي للنيابة الإقليمية للمقاومة وجيش التحرير بالقنيطرة.