قالت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا, التابعة للأمم المتحدة، إن بلدان المغرب العربي تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لتسريع مسلسل اندماجها من أجل الاستجابة للمطالب التي عبر عنها مواطنوها خلال السنوات الأخيرة. وذكرت دراسة للجنة حول الاندماج المغاربي, أن هذه المطالب تتعلق بالمزيد من المساواة في توزيع عائدات النمو والمزيد من الديمقراطية واحترام الحريات العامة وخلق مناصب الشغل وتنمية اجتماعية أكثر إدماجا وتولي المزيد من الاهتمام لحاجيات جميع الشرائح الاجتماعية. وأشارت إلى أن جل بلدان المنطقة شهدت حركات مطلبية نابعة من الشكوك في النماذج التنموية وطرق التدبير الجاري بها العمل «والتي لم تستجب لانتظارات السكان ورفع تحديات التشغيل والتقليص من الفوارق والحكامة السياسية والاقتصادية». وكشفت الدراسة أن حجم الرهانات والتحديات التي يتعين على بلدان المنطقة مواجهتها تتجسد أيضا في التهديدات الأمنية المتنامية أكثر فأكثر بالمنطقة، والتي لها انعكاسات مباشرة على الاندماج المغاربي. وفي هذا الإطار أعربت الأممالمتحدة عن أسفها لكون المبادلات بين البلدان المغاربية لا تمثل سوى ما بين ثلاثة وأربعة في المائة من إجمالي وارداتها من البلدان الأعضاء في الاتحاد، وأن إنشاء منطقة للتبادل الحر ما زال يسجل تأخرا «مكلفا»، كما أن المكتسبات في مجال تنقل عوامل الانتاج والأشخاص ما زالت محدودة، وأن الإطار المؤسساتي الحالي ليس فعالا بما فيه الكفاية لتسهيل وضمان ديمومة مخطط للاندماج متعدد القطاعات. وأشارت إلى أن الشكوك في نجاعة النماذج التنموية وطرق التدبير التي تم التعبير عنها منذ التحولات التي شهدتها المنطقة منذ العام 2011 ، أفرزت سلسلة من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب مواكبة مضطردة من قبل الشركاء في التنمية للاتحاد المغاربي، ومن بينهم اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التي تشجع الاندماج الاقليمي وتواكب البلدان ومؤسسات التعاون الاقليمي في هذا المجهود. ولمواكبة سياسات الاندماج، نظمت اللجنة العديد من الاجتماعات خلال الأشهر الأخيرة، إحداها مع الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي لبحث برنامج العمل برسم الفترة 2014-2015، واجتماع آخر مع الخبراء لبحث السبل الكفيلة بتمكين الاتحاد المغاربي من آلية للتمويل مستقلة، فضلا عن استشارة إقليمية في يونيو الماضي بين الأمين العام للاتحاد ووكالات منظومة الأممالمتحدة التي تغطي شمال إفريقيا وشركاء آخرين. ويرى خبراء الأممالمتحدة أن تفعيل أهداف الاندماج يتطلب خلق انسجام على صعيد الجهود الإقليمية، وكذا وضع مخطط للتمويل أكثر انتظاما واستقلالية، موضحين أن تحليل مسيرة الاتحاد المغاربي تظهر أن نظامه التمويلي الحالي يمثل أحد العراقيل أكثر منه حلا يمكن من النهوض بالوضع الراهن « لأنه يستجيب للنموذج الكلاسيكي للمساهمات المقدمة من قبل الدول الأعضاء انطلاق من الاقتطاعات من الميزانيات الوطنية».