«هل تزوج بهذه المرأة التي تبدو في سن أمه؟» ، «إنه في عمر أبيها»… تعليقات، من بين أخرى، يسمعها في معظم الأوقات الأزواج عندما يكون فارق السن بين الطرفين كبيرا . فما كان مرفوضا بالأمس أصبح مقبولا اليوم بحكم حدوث متغيرات اجتماعية وثقافية عديدة . لكن كيف يستطيع الطرف الأكبر التكيف مع العلاقة و مواجهة نظرة المجتمع والأعراف و الأقارب و الأهل، من أجل إنجاح العلاقة بين الزوجين اعتمادا على علاقة الحب بينهما ؟ . في الوقت الذي يصعب إيجاد حل وسط لنجاح العلاقة الزوجية من هذا النوع، يحاول خبراء اجتماعيون، في دول عديدة، البحث عن مزايا وعيوب فرق العمر بين الأزواج. فإذا تم النظر بالمنطلق الايجابي للعلاقات الزوجية التي تعاني من فارق عمر كبير ،سيجد الدارس أن الطرف الأصغر سنا هو المستفيد الأول من هذه العلاقة من خلال الخبرة الحياتية للطرف الآخر، في حين أن الأصغر عمرا سيمنح لشريكه فرصة ثانية لإعادته بخطوة للوراء إلى عالم الشباب من حيث الاهتمامات و الهوايات، و من ضمن المزايا أيضا أن الرجل عندما يرتبط بامرأة تصغره سنا؛ أو المرأة التي تتزوج شابا أصغر منها في العمر، يحاولان دائما العناية بالمظهر الخارجي الجذاب وكذلك الاهتمام بالرياضة ليبقى كل واحد متكيفا مع ظروف الشريك. لكن هذا الأمر، تقول دراسات بعض الخبراء، لايخلو من أخطار ، فعندما يصل الطرف الأكبر سنا في العلاقة لمرحلة سنية معينة، تصبح مجاراة الشريك الأصغر سنا مسألة صعبة للغاية، فإذا كانت المرأة هي الأكبر سنا فقط تشعر بمخاوف من أن يتركها الزوج أو ينجذب لمرأة أخرى غيرها شابة وجذابة تلبي رغبات زوجها أكثر منها. «حبيبة» امرأة تبلغ 54 سنة من العمر أحبت رجلا عازبا في الثلاثين من عمره بعدما طلقت من زوجها الأول، صرحت لنا أنهما عاشا قصة حب انتهت بالزواج، لكن لم تنج حبيبة من انتقادات العائلة و المجتمع لها، غير أنهما بقيا صامدين رغم سقوط علاقتهما أحيانا في شباك غيرة عمياء جعلتها تتسم بالتوتر أحيانا لأتقه الأسباب. تقول «حبيبة» و هي مبتسمة «أجمل ما في مصطفى أنه عشق روحي و لم يهتم بشيء آخر» .. أما بالنسبة للعلاقة الزوجية التي يكون فيه الزوج هو الأكبر سنا، فتتراجع نسبة إصابته غالبا بهذه المخاوف، لاسيما إذا كان يتمتع بوضع مادي جيد يجعله يشعر بتوازن أكثر في العلاقة، لكن هذا لا يمنع من وجود مخاوف لدى الرجل من تراجع قدرته على إرضاء زوجته من الناحية الجنسية، هذا ما أكدته «كريمة» التي يكبرها زوجها بعشرين سنة:» تزوجت به رغم أن فارق السن بيننا كبير، لكن كنت أعلم أنه سيضمن لي ظروف عيش مريحة وساعدني أيضا في تلبية حاجيات عائلتي التي كانت في حاجة لدخل إضافي بحكم وضعيتها الاجتماعية المتواضعة..» كما أوضحت أنها كانت سعيدة معه لكن هذه السعادة انتهت عندما توفي و ترك لها طفلين.. و يواجه أطراف العلاقات التي يكون فرق العمر فيها مهما؛ تحديا مجتمعيا كبيرا ؛ فأغلب المجتمعات لا تتقبل رؤية هذا النوع من العلاقات الزوجية دون إعطاء تعليق قد يؤذي طرفا منهما، خصوصا إذا ما كان الطرف الأكبر ، يمتلك ظروفا مادية تريح شريكه، وهذا ما يثير التساؤلات حول هدف هذا الشاب أو هذه الشابة من هذه العلاقة و ما إذا كان طامعا في المال فقط؟ و من بين التحديات أيضا في هذا النوع من العلاقات، تؤكد العديد من الدراسات ، أن الطرف الأكبر عمرا يحاول «تربية» الطرف الآخر استنادا إلى أنه أكثر خبرة في الحياة، مما يؤدي إلى تحول العلاقة من علاقة زوج بزوجته إلى ما يشبه علاقة «الأب و الابنة» أو «الأم و الابن» ، وهو ما يشعر الطرف الأصغر بأنه أقل قيمة في هذه العلاقة؟ في الثقافة المغربية عموما لايشكل هذا النوع من العلاقات الزوجية موضوع غرابة ، لكن ما يثير الجدل و النقاش أكثر- داخل أوساط اجتماعية معينة – هو عندما تكون المرأة هي الأكبر سنا، فهي تبقى معرضة لنظرة قاسية من المجتمع ، إضافة إلى ذلك، فهي تتعرض لانتقادات فد تمس أحيانا بكرامتها و شرفها؛ عكس الرجل الذي يتزوج بامرأة تصغره سنا ، و لا يتعرض ، بنفس الدرجة ، للانتقاد أو المساءلة المعنوية. هكذا تبقى مسألة فارق السن بين الأزواج مرتبطة أساسا بقناعة الطرفين المعنيين بها، الطامحين ،عموما ، في حياة سعيدة ، باعتبار أن ارتباطهما يشكل فرصة جديدة لخوض تجربة حياة متجددة تقطع مع تجارب سابقة كان مآلها الفشل والخيبة. (*) صحافية متدربة