شكل موضوع «الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب» ضمن فعاليات جامعة المعتمد ابن عباد الصيفية في دورتها ال29 على امتداد يومين خلال فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي ال36، مختبرا لعدد من الفعاليات السياسية والخبراء لبحث تجارب الاتحادات الإقليمية في العالم، وتحديات الدولة الوطنية. انتهى نقاش موضوع «الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب»، الذي همين عليه استحضار التأثيرات السياسية على العلاقات جنوب جنوب وشمال جنوب، وأيضا طموح دول إفريقيا خصوصا في بلوغ تنمية اقتصادية واجتماعية كفيلة بجعلها تواكب تطورات بلدان الشمال وحضور الهواجس الأمنية التي فرضتها تحولات مفصلية بسبب أحداث عاشها العالم خاصة أحداث 11 شتنبر و الربيع العربي وما يعيشه دول الساحل في تحليل الوضع الحالي لبلدان الجنوب سواء في شمال أفريقيا، أو دول جنوب الصحراء أو الدول العربية أو اللاتينية أو الأسيوية على حد سواء، انتهى ب»نداءأصيلة». فقد خلص المشاركون في ندوة «الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب»، بعد نقاش مستفيض لتجربة الدولة الوطنية تستحضر البعد الاستراتيجي لمبدأ السيادة القطرية مما تعني من استقلالية في القرار وأيضا لتجربة التكتلات الإقليمية وما تعنيه من تنازلات من أجل تحقيق توافقات لبناء مشترك، خلصوا إلى أن المغرب لمكانته الإستراتيجية، سواء في محيطه المتوسطي، المغاربي، الإفريقي والعربي، بإمكانه أن يلعب دورا رياديا لبلورة وتعميق النقاش حول إمكانية إنجاح تجربة التكتلات الإقليمية خاصة على المستوى الإفريقي. وبعدما شكلت القضايا الأمنية ومسألة التضامن والسلم والاستقرار أحد أبرز انشغالات دول الجنوب سواء عربية، أفريقية، أمريكو لاتينية أو أسيوية التي عكسها «نداء أصيلة» أهاب الخبراء المشاركون بالمغرب كي يحتضن لقاء إقليميا على المستوى الإفريقي يضم تكتلات مثل مجلس التعاون الخليجي، وأيضا تجمعات أسيوية ومن أمريكاالجنوبية وإفريقيا من أجل الاستفادة من تجاربها لصياغة مشروع يسير نحو تحقيق الاستقرار الأمني والسلم، ويساهم في الحد من ظاهرة تهريب المخدرات التي أصبحت أحد مكونات دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة. فما بين دعوة لتجاوز الخلافات التي تعرقل نجاح تكتلات إقليمية خاصة في إفريقيا من قبيل اتحاد المغرب العربي والاتحاد الإفريقي، والأخذ بعين الاعتبار بتجارب ناجحة في دول الجنوب، دعا المشاركون في لقاء شابه التأسف لعدم فعالية بعض الاتحادات بسبب ضعف الطموح السياسي الجماعي إلى ضرورة الانتفاض ضد التقوقع «القطري» من أجل بناء مشاريع متكاملة التي لا يمكن أن تنجح إلا في شكل تكتلات تتبنى تصورات تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية متكاملة تجعل من العنصر البشري رافعة لها وتعمل على إشراك المجتمع المدني في ترجمة فعلية لمبدأ الديمقراطية التشاركية وتعميم الديقراطية وتفعيل لمبدأ الحكامة الجيدة في ظل الواقع الجديد الذي يعيشه العالم. هذا الواقع الجديد، الذي أكد عاهل مملكة البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة الجمعة الماضي في خطاب وجهه للمشاركين في الدورة ال 36 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، إنه الواقع الجديد «يحتم أن نتعاضد ونتكاثف، بعضنا البعض، عبر اعتماد صيع ملائمة من تنسيق السياسات الكبرى والتوجهات الصائبة». وأضاف الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في هذا الخطاب الذي ألقاه بالنيابة عنه نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، أن «اقتناع الدول بات قويا بأن أكثر الأخطار السياسية والاقتصادية، وكذلك البيئية والأمنية، أحد أسبابها الرئيسية يكمن في تشتت الدول وبعثرة جهودها وانكفاء سياساتها على نفسها». ومن جانبه ثمن وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزواراختيار موضوع «الدولة الوطنية والاتحادات الإقليمية في عالم الجنوب» عنوانا للندوة الافتتاحية لهذه التظاهرة، لراهنيته و لدقة الإشكالات التي تطرحها التحولات التي تعرفها الدولة الوطنية من مفهومها الأصيل إلى تموقعاتها الجديدة التي تفرضها التحولات المعاصرة. وأوضح، في كلمة تلاها بالنيابة عنه الكاتب العام للوزارة ناصر بوريطة، أن الدولة الوطنية تعد أهم ظواهر العالم المعاصر، حيث تكاثرت بشكل مهم ولا تزال حوالي ثلاثين دولة، ظهرت الى الوجود منذ أواسط الثمانينات. وأشار إلى أنه «إذا كانت الدولة الوطنية تتطور في مفهومها و في مضمونها، فإنها لا تتآكل و لا تضمحل، بل تعرف تموقعا جديدا بسبب ظهور فاعلين دوليين جدد، من منظمات إقليمية ودولية، ومؤسسات المجتمع المدني، بفعل ما تواجهه من «ضغوطات العولمة» سواء تعلقت بإكراهات فوق وطنية، قد تهدد سيادتها وهياكلها المؤسساتية، أو ضغوطات داخلية تفرض عليها توحيد الخصوصيات و إدارة التعدد». واضاف أنه «إذا كانت هذه التحديات تعطي الانطباع بفقدان الدولة الوطنية للعديد من صلاحياتها، خصوصا في عالم الجنوب، فهي لازالت الضامن للاستقرار والأمن على الصعيد الجهوي والإقليمي والمكون الأول والأساسي للانتماء والحفاظ على الهوية». وبالموازاة قال محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، في كلمة افتتاحية للدورة السادسة والثلاثين لموسم أصيلة الثقافي الدولي المنظمة إلى غاية 22 غشت الجاري، إن تجربة موسم أصيلة الثقافي الدولي أصبحت مشروعا ثقافيا وإبداعيا منفتحا على العالم. وبخصوص مملكة البحرين، ضيف شرف هذه الدورة من الموسم، قال السيد بن عيسى إنها «كانت جسرا ونافذة مشرعة باستمرار على جوارها، مطلة على الخارج، حيث اقتبست منه، بحكمة واعتدال ما دعم مكانتها وموقعها، وأغنى وأخصب موروثها الحضاري»، مشيرا إلى أن «الجانب الثقافي المتطور يظل اللافت للنظر ربما أكثر من غيره في المملكة الشقيقة، بما يطبعه من حراك وحيوية وانفتاح». وتتواصل فعاليات جامعة المعتمد ابن عباد الصيفية في دورتها ال29 الموسم بتنظيم ندوات تشارك فيها نخب فكرية وسياسية، أبرزها ندوة التنمية المستدامة والتغير المناخي: أي دور للمنظمات المتعددة الأطراف؟، خلال أيام 12،13، 14 غشت. وندوة الفن التشكيلي العربي المعاصر، الرهانات والتحديات خلال يومي 17 و18 غشت، إضافة إلى ندوة الختام «العرب غدًا.. التوقعات والمآل في العشرين والواحد العشرين من شهر غشت.