أكدت مجموعة التفكير الأمريكية (بروكينغز إنستيتيوشن) أن المقاربة الناجحة للمغرب في مجال مكافحة الإرهاب، التي انخرطت فيها المملكة تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تمثل استثناء في العالم العربي. وأوضحت مجموعة التفكير الأمريكية، التي يوجد مقرها بواشنطن، أنه «في الوقت الذي كانت تعيش فيه البلدان العربية الأخرى أجواء من العنف، قام المغرب بتسريع مسلسل التجديد السياسي والاجتماعي، الذي يعود لعدة عقود، من خلال إطلاق إصلاحات دستورية ومؤسساتية». واعتبرت صاحبة التقرير كريستا كوتير، متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب لدى (بروكينغز إنستيتيوشن)، أن هناك ثلاثة عوامل لهذا النجاح، تتمثل أولا في أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ينحدر من ملكية عريقة، ضامنة لوحدة واستقرار المغرب، وثانيا في إطلاق إصلاحات سياسية تدريجية، وتحقيق تقدم كبير على الصعيد الاقتصادي من خلال إقامة استثمارات هامة، والرفع من فرص الشغل إضافة إلى المساواة الاجتماعية والمدنية للنساء واتخاذ تدابير وقائية ضد الرشوة. وأخيرا الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب سواء داخل المغرب، أو من خلال تعزيز التعاون والشراكات الاستراتيجية بالمغرب العربي والساحل وأبعد من ذلك. وأكدت دراسة كريستا، الحاصلة على دبلوم في العلاقات الدولية، أن هذا التجديد الاستراتيجي للإصلاحات إضافة إلى برامج مكافحة الإرهاب، من خلال تحقيق استقلالية النساء على الاصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، تشكل مفتاح نجاح المغرب. وأضاف التقرير، المنبثق عن تحقيق ميداني، أن «المغرب، الذي أدرك أن الفقر قد يشكل عاملا للتطرف، بذل جهودا ملموسة لمعالجة هذا المشكل، لاسيما من خلال إدماج مقاربة النوع في مكافحة الإرهاب». وتابع التقرير أن هذا القرار الاستراتيجي للمملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يهدف إلى تحقيق التنمية ونجاعة استراتيجية مكافحة الإرهاب. وأكدت (بروكينغز أنستيتيوشن)، في هذا التقرير حول مقاربة النوع كآلية لمحاربة التطرف العنيف، تحت عنوان «الدروس المستفادة من دور المرأة في السلام والوقاية من النزاعات .. نموذجان ناجحان: المغرب وبنغلاديش»، أن نجاعة هذه البرامج ترتكز على إشراك المرأة لما لها من دور ثقافي أساسي داخل الأسر والمجتمع المغربي. وفي هذا السياق، تناولت بروكينغز نموذجين وجيهين في مجال مكافحة الإرهاب، يتمثلان في إصلاح مدونة الأسرة سنة 2004، وتحقيق استقلالية المرأة في الحقل الديني والمجال السياسي. فبخصوص إصلاح مدونة الأسرة، كتبت كريستا أن هذا الإصلاح مكن من تحقيق استقلالية المرأة على الصعيد السوسيو اقتصادي، مشيرة إلى أن إصلاح المدونة «يمثل تطورا تاريخيا نحو تحقيق المساواة والاستقلالية» للنساء. وفي ما يتعلق بالشق الديني، شرعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ سنة 2005 في إدماج النساء المرشدات، اللاتي حرصن على تعزيز الاعتدال والتسامح الديني بهدف قطع الطريق على التطرف. وقد حقق هذا البرنامج نجاحا كبيرا، حيث تم تكوين 50 مرشدة سنة 2005. وفي سنة 2014 عملت نحو 500 مرشدة بالأحياء والسجون مع النساء والشباب بالرباط والدار البيضاء، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 1000 في المئة في أقل من عقد من الزمن. وخلصت (بروكينغز إنستيتيوشن) إلى أنه «عوض فرض عدد من المبادرات والسياسات على المواطنين، ركز المغرب عمله على المجالين الديني والثقافي»، وهو ما يمثل الجانب الفريد في المقاربة المغربية.