من عمق العتمة وقلب المأساة, ينبعث صوت حنون يستلهم قيم المسيح الشهيد وروح العذراء، صوت البابا صامويل مسلم ليقترح على الفلسطينيين ان يقيموا الصلاة ويمارسوا مناسكهم داخل الكنائس، بعد أن دمر بنو صهيون مساجد غزة. هكذا يتسامى رجل الدين المسيحي عن الانتماء الخاص من أجل الانتماء لمبدأ الحق الاهي وبركة السماء، من اجل الانتماء المشترك لأرض الانبياء.. انه درس في التسامح الديني الذي من المفروض أن يسود العالم ليكون درعا منيعا من الحروب الدينية ومآسيها وضدا على التطرف والعنصرية والحروب القومية والكراهية التي تعتبر الصهيونية من تجلياتها البغيضة في عصرنا الراهن. نداء صامويل انحياز صريح للمستضعفين في الأرض من أجل حقهم في السماء، وإدانة للجبروت والجور، هو ايضا عربون على أن الحق لا يخالف الحق وأن الإيمان لا يخالف الإيمان وإن اختلفت العقائد والمناسك.. تكريم الإنسان وحب الحياة وحفظ الأرواح جوهر الإيمان والمشترك بين الأديان إن صدق الإيمان ولم ينحرف به الرهبان في كل ملة ودين عن سبيل الخير الأسمى. إنه منظر رائع حقا تلك الصور التي جابت مواقع التواصل الاجتماعي ,حيث تظهر الفلسطينيات حاملات متدبرات للقرآن تحت مجسد للصليب، إن الأبدان لتقشعر لتنازل المسيحي طوعا وكرامة لأخيه المسلم عن معبده فاسحا له المجال ليسجد لله بعدما دكت حمم العدوان منبره وسقيفة تعبده.. كلها بيوت الله في النهاية , واينما وليتم وجوهكم ووجوهكن معشر المسلمين والمسلمات فتمة وجه الله ذو الجلال والإكرام. وتكبر رمزية المبادرة في أعيننا حينما نستحضر محنة إخواننا المسيحيين في الموصل وجهات أخرى من العراق، الذين اخرجوا من ديارهم وشردوا على الطرقات والمخيمات من قبل من يدعون خلافة الله في ارضه ،وقد اخلفوا، ظلما وعدوانا، قيم التسامح والتعايش بين الناس اجمعين وبين أهل الكتاب على وجه الخصوص.. ومما لا ريب فيه أن موقفا نبيلا ساميا على هذا المستوى سيساعد على بناء صورة ايجابية متبادلة بين الديانات وسيشجع على الحوار السلمي والبناء بين الأديان في مواجهة نزوعات بث العدوانية والحث على الصدام. ولنا ولكل دعاة السلام في صامويل الامل في انسنة الديانات بدلا عن تدعيشها او تصهينها..شكرا لك ابانا هناك في الإنسانية وتحية محبة..