لزيارة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون اليوم لبلادنا عدة دلالات لأنها أول زيارة له خارج بلاده والاتحاد الاوروبي منذ أن تم انتخابه رئيسا في السابع من ماي الماضي. لها عدة دلالات ويجب أن تكون في مستوى العلاقات بين بلدين يربط بينهما تاريخ واقتصاد وملفات سياسية استراتيجية… في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الرئيس الجديد لفرنسا كسر قاعدة ثلاثة من سابقيه في اختيارهم للجزائر كأول بلد يتجهون اليه في إطار زياراتهم للخارج، وذلك لعدة اعتبارات . وإذا كان المسؤولون الجزائريون لم يرقهم أن يكون المغرب محطة ماكرون الأولى، فإننا نتمنى أن لا ينظر إليها من زاوية صراعات إاقليمية بين بلدين جارين بالمنطقة المغاربية، بل يجب أن تكون قيمة مضافة من أجل أن تجد العلاقات بهذه المنطقة آفاقا جديدة من الانفراج والتعاون والاندماج… إن لزيارة ماكرون سياقات عدة على أكثر من مستوى: فهو أول رئيس منذ قيام الجمهورية الخامسة بفرنسا، الذي يأتي إلى قصر الايليزي من خارج العائلات السياسية التقليدية بهذا البلد، وهي اليمين ممثلا في الاتحاد من أجل الجمهورية أو من أجل حركة شعبية واليسار، الذي يعبر عنه الحزب الاشتراكي .لذلك، فإن أي مقاربة رئاسية جديدة في العلاقات الفرنسية المغربية، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التراكم الايجابي بين الرباطوباريس .مقاربة تسعى لتطوير هذه العلاقات ودعمها في إطارها الثنائي من جهة ومن جهة ثانية، على مستوى الاتحاد الأوربي الذي يعيش في الآونة الأخيرة تحولات سياسية واقتصادية، وثالثا أن تساهم هذه المقاربة في دعم الاستقرار بالمنطقة المغاربية التي توجد بها اليوم نزاعات مسلحة كما هو الشأن بالنسبة لليبيا أو مفتعلة، ويتعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية التي تصر الجزائر على تغذيتها بحربها الديبلوماسية ضد بلادنا.. وهناك سياق تنامي موجات الإرهاب التي طال بعضها فرنسا، وخلفت العديد من الضحايا الأبرياء . والمغرب تربطه علاقات وطيدة مع باريس لمواجهة هاته الظاهرة المرعبة، انخرط على مستوى التعاون الأمني في محاربة وملاحقة العناصر الإرهابية أفرادا ومنظمات . هناك مستوى آخر، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، ويتمثل في تنامي خطاب اليمين المتطرف وشعاراته ونواياه، ويستهدف المهاجرين بفرنسا وأوروبا عموما وضمنهم المغاربة . خطاب يمارس العنصرية والتمييز والكراهية . ونأمل في أن تكون المرحلة الرئاسية الجديدة ناجعة بسياساتها العمومية في الحد من تداعيات هذا الخطاب. تجاريا تتصدر فرنسا كما هو معلوم قائمة شركاء المغرب التجاريين، إذ سجلت الصادرات الفرنسية إلى المغرب ارتفاعا يعادل زهاء 20% في عام 2016، وتوجد فرنسا بالمرتبة الاولى الأولى في سلم الاستثمار الأجنبي ببلادنا، إذ بلغت حصة فرنسا 17% (484 مليون يورو) من مجموع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب في عام 2015، وهنالك زهاء 750 فرعا للمنشآت الفرنسية في المغرب… لكن يجب أن لاينظر إلى هذه العلاقات من زاوية مقاولات وصفقات عمومية بل من منطلق تعاون مشترك في حقول التنمية، والمساهمة في تطوير القطاعات الانتاجية، والرفع من مستوى البنيات التحتية . نتمنى أن تكون زيارة الرئيس مانويل ماكرون للمغرب في مستوى التحديات التي يواجهها البلدان. وأن نعزز ما تم بناؤه بتعاون مشترك في شتى الحقول الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والدبلوماسية. ومرحبا بالرئيس الشاب الذي أحدث تحولات عميقة في المشهد السياسي الفرنسي.