نشرت صحيفة «أ بي ثي» الإسبانية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى الأفكار السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تميز الرئيس الفرنسي المنتخب، إيمانويل ماكرون، فيما من المتوقع أن يواجه زعيم «إلى الأمام» الكثير من التحديات خلال فترة حكمه. وقالت الصحيفة، في تقريرها إن السر في نجاح ماكرون في السباق الرئاسي؛ يعزى إلى قيامه ببناء رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية، ترتكز على فكر وتحركات أسلافه من الإصلاحيين في اليسار واليمين على حد السواء. كما بادر ماكرون برفع راية الليبرالية وراية أوروبا، مما ساهم في إنجاح مشروعه الشخصي. وذكرت الصحيفة أن فكر ماكرون يعد بمثابة رؤية عملية للغاية، مستمدة بالأساس من فكر أسلافه على الساحة السياسية. ولعل من أبرز السياسيين الذين مثلوا مرجعا لماكرون، الإصلاحي اليساري بيير منديس فرانس، وريمون بار، والليبرالي المحافظ فاليري جيسكار ديستان، والاشتراكي فرانسوا هولاند. وأضافت الصحيفة أن ماكرون يطمح إلى إنشاء «نظام سياسي جديد» في فرنسا، ويأمل في أن يجعل من حزبه أول قوة سياسية وطنية، على الساحة الفرنسية، التي ستعمد إلى تبني مبادئ «الجمهورية التقدمية». ويبدو ماكرون واثقا من قدرته على الفوز بغالبية مطلقة في مقاعد الجمعية الوطنية الفرنسية، خلال الانتخابات التشريعية في حزيران/ يونيو المقبل. وأوضحت الصحيفة أنه، وفي حال تفوقت حركة «إلى الأمام» في الانتخابات التشريعية المقبلة، سيتمكن ماكرون من تشكيل غالبية متكافئة تضم مختلف الأطياف السياسية. وسيتوجب على الاشتراكيين، والمحافظين والوسطيين الذين يرغبون في العمل مع ماكرون؛ التخلي عن أحزابهم القديمة، في سبيل الانضمام إلى الغالبية التي ستحدد ملامح «النظام السياسي الفرنسي الجديد». وأكدت الصحيفة أنه في حال لم يفز حزب ماكرون (أو الحزب الرئاسي الجديد) بغالبية مقاعد البرلمان، فسيكون زعيم «إلى الأمام» على استعداد لتقاسم السلطات في صلب الدولة مع أحزاب أخرى لها ثقل في الجمعية الوطنية الفرنسية. من جانبهم، يطمح الجمهوريون، بزاعامة نيكولا ساركوزي وفرانسوا فيون، في دفع الرئيس ماكرون للامتثال لشرط «تقاسم السلطات مع حزب المحافظين الأول في فرنسا». وفي هذه المرحلة، ليست هناك أية مؤشرات تدل على أن الاشتراكيين أو اليمين المتطرف في وضع يسمح لهما بفرض شروط على «النظام السياسي الجديد» الوطني، الذي يرغب ماكرون في تأسيسه. وأوردت الصحيفة أن ماكرون قدم مشروعا ليبراليا تطوعيا، لم تشهد له فرنسا مثيلا منذ عهد ريمون بار. وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس المنتخب في مقالته «الثورة»، عن تأييده للعقيدة الليبرالية الفرنسية التي أسسها فرانسوا جيزو، وهو واحد من رموز الليبرالية الوطنية في فرنسا. وبينت الصحيفة أن الرئيس الجديد قد أبدى، من خلال برنامجه الاقتصادي الفريد من نوعه، ثقته في المهارات الإبداعية، والريادية للفرنسيين، علما أن هذا البرنامج يعد بمنأى عن تدخل اليمين واليسار. وتعد هذه الليبرالية الاقتصادية الأقرب إلى توجه بيير منديس فرانس الاقتصادي، مقارنة بغيرها. وأفادت الصحيفة أن ماكرون قد وضع أوروبا في قلب مشروعه الرئاسي، خاصة وأنه أبرز داعم لوحدة القارة. وهو يعتبر من أكثر الرؤساء الموالين لأوروبا، منذ عهد الرئيس الفرنسي فاليري ديستان. ومن المرتقب أن يقوم ماكرون بأول زيارة خارجية إلى برلين، حيث من المرجح أن يلتقي بالمستشارة الألمانية نجيلا ميركل. وأضافت الصحيفة أنه على المستوى الدبلوماسي، يحظى ماكرون بدعم واسع النطاق على الصعيد الوطني. أما على الصعيد الأوروبي، تعد النخب الحاكمة أفضل حليف لماكرون. وفي الوقت ذاته، يعمل ماكرون على تعزيز العلاقات الدبلوماسية الوطنية، والأوروبية والأطلسية والغربية، على التوالي. وأشارت الصحيفة إلى أنه وعلى المستوى الاجتماعي، يرغب ماكرون في إعادة نشر القيم في صلب المجتمع الفرنسي. وسيقود ماكرون جملة من الإصلاحات الرمزية في البلاد. وسيكون الإرهاب يعد بمثابة التحدي الأكبر الذي ستواجهه فرنسا خلال العقد القادم.