توفي الكاتب الإسباني الشهير خوان غويتيسولو، صبيحة الأحد ، الأخير، بمحل إقامته بالمدينة العتيقة لمراكش، عن عمر يناهز ال86 سنة، و من المعروف أنه اختار الإقامة في هذه المدينة، بناءً على نظرته المغايرة، لما هو سائد في الغرب، عامة، وإسبانيا، خاصة، لقضايا العالم العربي، وللثقافة الإسلامية. تميز غويتيسولو بكتابته لعدة مقالات وكتب، تتناول هذه القضايا، غير أن ما لا يذكر كثيراً في ما أنجزه، هو مجموعة مقالات كتبت حول قضية الصحراء المغربية، في عدة جرائد إسبانية، في سبعينيات القرن الماضي، جمعها في كتاب من منشورات «أناغراما»، حيث يوجه فيها النقد الشديد للأطروحات المتداولة في إسبانيا، حول هذا الموضوع، سواء بالنسبة للمقربين من نظام فرانكو، أو بالنسبة للأحزاب والقوى اليسارية. في هذه المقالات، يفند الفكرة المسبقة، لدى الإسبان، حول نزاع الصحراء، حيث يؤكد أن هناك نظرة تبسيطية لا تعرف حقيقة تاريخ المنطقة، وتتلخص في أن كل ما يأتي من «الجزائر التقدمية «، هو حتما تقدمي، وكل ما يأتي من «المغرب الرجعي»، هو حتما رجعي، الأمر الذي يكشف، حسب غويتيسولو، جهلا بجذور الوطنية المغربية، التي ناضلت ضد الحماية الاستعمارية، وبحقائق الوضع المغاربي. كذلك يتعرض، لموضوع هام في هذه القضية، يتعلق بإشكالية عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار، التي تبنتها منظمة الوحدة الإفريقية، ودافعت عنها دول مثل الجزائر، بينما كان المغرب، يرفض هذا المبدأ، حيث يؤكد أن الدول التي دافعت عن عدم المساس بالحدود المرسومة من طرف الاستعمار، فعلت ذلك، بدوافع براغماتية بحتة، لأنها ورثت أراضي شاسعة، مثل الجزائر والزايير. ويضيف، لو طبقنا هذا المبدأ على المغرب، لكانت هناك اليوم، دولة مغربية، ودولة ريفية، ودولة مستقلة بطنجة، ودولة سيدي إيفني، ودولة طرفاية، ودولة الصحراء. أما في انتقاده لليسار الإسباني، تجاه هذه القضية، فإنه يصف موقفهم بالنزعة المركزية الأوروبية، التي تنطلق من أفكار وصور جاهزة، لا تكلف نفسها عناء البحث والتقصي والتحليل، بل أكثر من ذلك، فإنه يستشهد بكتاب جيد، لميكيل مارتين، الذي حلل فيه مواقف اليسار الإسباني من المسألة الاستعمارية، في شمال المغرب. وهو كتاب معروف، من أفضل ما كتب حول مواقف الجمهوريين الإسبان من الحماية، وسلوكهم وسياستهم في هذا الشأن، التي لم تختلف عن مواقف وسياسة الديكتاتورية. لقد شكل غويتيسولو رمزاً لصحوة ضمير المثقف، حيث كتب أيضا حول قضية المدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية، بأطروحة مغايرة لما هو سائد في اسبانيا.