حوار مع الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل عبد الحميد فاتحي إن موقفنا من الحكومة الحالية سيبقى رهينا بالإجراءات التي ستتخذها للتجاوب مع مطالب الشغيلة المغربية – شعار فاتح ماي «من أجل مقاومة مسلسل التراجعات وتحصين المكتسبات» كيف تنظرون للحكومة الجديدة برئاسة سعد الدين العثماني؟ – الولادة العسيرة للحكومة الجديدة برئاسة سعد الدين العثماني، بعد ستة أشهر من الانتخابات التشريعية ليوم 07 أكتوبر 2016، وبعد فشل رئيس الحكومة السابق في تشكيل أغلبية برلمانية، وبعد النقاشات التي شهدتها بلادنا خاصة على مستوى الوسائط الإعلامية الرقمية، تجعلنا كمركزية نقابية نطرح السؤال الجوهري المتمثل في قدرة هذه الحكومة على الخروج أولا من جلباب الحكومة المنتهية ولايتها، مادام الحزب القائد للحكومة هو نفسه، وهل تستطيع أن تنهج مقاربة جديدة وديمقراطية في علاقاتها مع باقي المؤسسات السياسية والاجتماعية والمدنية، وهل ستكون قادرة على مد الجسور القارة مع المركزيات النقابية عبر الحوار الاجتماعي الدائم والمنتظم والمنتج. لذلك فالحذر هو ما يطبع تعاملنا مع هذه الحكومة، حتى لا نصاب بالخيبة كما مع الحكومة السابقة، وحتى نترك لأنفسنا وللحكومة أيضا المجال لتفعيل ما تراه كفيلا بزرع بذور الثقة بين المكونات السياسية والاجتماعية والفعل الحكومي المستند إلى المقتضيات الدستورية وإلى إنجاز المهام الموكولة لكل طرف من الأطراف بعيدا عن التوظيف السياسي المغرض للتموقعات الحكومية لمآرب أخرى. – تم لقاء مع وزير التشغيل بمقر المنظمة كيف كان هذا اللقاء، وماهي مطالبكم ؟ – إن سياقات مختلفة رافقت المشاورات حول تشكيل الأغلبية الجديدة والوصول إلى تشكيل الحكومة ونيل ثقة مجلس النواب عقب التكليف الملكي لسعد الدين العثماني، ومقاربته المختلفة للعلاقات مع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، والتي يمكن إدراج زيارة وزير التشغيل والإدماج المهني للمركزيات النقابية ضمن هذه المقاربة التي تتوخى فتح أفق جديد في العلاقة مع الفاعلين الاجتماعيين، وطي الصفحة المؤلمة التي عاشتها العلاقة بين رئيس الحكومة الأسبق والنقابات المغربية. ونحن في الفيدرالية الديمقراطية للشغل نعتبر أن مبادرة وزير التشغيل تستحق التشجيع، إذ كانت مناسبة لنؤكد للسيد الوزير، أننا لن نحكم على المستقبل استنادا إلى ما جرى خلال الخمس سنوات السابقة، وإنما نحن مستعدون للتفاعل الإيجابي مع الحكومة في توجهاتها الاجتماعية إذا كانت فعلا تعكس تطلعات ومطالب الشغيلة المغربية . وفي السياق ذاته تم تذكير الوزير بالمقاربة الفيدرالية للفعل النقابي الجاد والمسؤول والمرتكز على تطوير التشريع الاجتماعي لتمكين المؤسسات النقابية من إطار قانوني واضح يؤهلها لضمان العمل بآليات الديمقراطية الداخلية والقيام بأدوارها كما هو منصوص عليها في الفصل الثامن من الدستور. من جهته، أبدى الوزير استعداد الحكومة لفتح صفحة جديدة مع المركزيات النقابية، من خلال إعادة الروح إلى الحوار الاجتماعي في إطار التعاون المتبادل والمسؤول وإقرار آليات لضمان استمراره وجعله منتجا ودائما، والبحث عن التوافقات الكبرى من أجل إيجاد الصيغ الملائمة لمعالجة قضايا ونزاعات ومطالب الشغيلة المغربية في إطار واضح وشفاف. – ماذا تنتظر النقابات من الحكومة الجديدة بعد لقاءات أولية مع رئيس الحكومة؟ – رغم أن التصريح الحكومي نص على إعادة فتح أبواب الحوار الاجتماعي مع الفاعلين الاجتماعيين، ورغم أن وزير التشغيل والإدماج المهني قام بزيارات لمقرات المركزيات النقابية، ورغم أن رئيس الحكومة قام باستقبال المركزيات النقابية في إطار لقاءات المجاملة والطمأنة، فإن إعادة الثقة إلى العلاقات ما بين أطراف الحوار الاجتماعي تبقى رهينة بالإجراءات الأولية التي على الحكومة المبادرة باتخاذها، ويمكن أن نذكر من بينها: القطع مع الخطاب الذي ساد مع رئيس الحكومة السابق والذي عمل بكل ما استطاع إلى ذلك سبيلا على تبخيس العمل النقابي وتدمير التراكمات التي تحققت في الحوار الاجتماعي، ووضع النقابات في خانة الخصوم الإيديولوجيين. إقرار آليات وإجراءات مأسسة الحوار الاجتماعي، ووضع الأجندة السنوية للحوار والمفاوضة، وتعزيز الحوار القطاعي بدعوة كل الأطراف إلى احترام المنهجية التي سيتم الاتفاق عليها في هذا الإطار الانكباب على إيجاد المخارج لتفعيل الاتفاقات السابقة لإبراز حسن نية الحكومة في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين. الانفتاح على الاقتراحات التي ترى النقابات أنها جديرة بأن تسهم في خلق الأجواء المناسبة لعلاقات متوازنة منسجمة ومسؤولة بين كافة أطراف العملية التفاوضية. – ماهي انتظارات الشغيلة النقابية في ظل أجواء التوتر على الساحة الاجتماعية؟ – إن انتظارات الشغيلة من الحكومة الجديدة، انتظارات مشوبة بالحذر، نظرا للظروف والملابسات التي رافقت تشكيل هذه الحكومة، لكننا كفيدرالية نرى أنه من مسؤولية الحكومة اليوم أن تطلق مبادرات من شأنها أن تذيب أجواء عدم الثقة التي سادت في السنوات الأخيرة، وفي نفس الآن القيام بإجراءات لدعم القدرة الشرائية للمأجورين، وفي هذا السياق لابد من : مأسسة الحوار الاجتماعي بما يضمن علاقات مسؤولة بين الحكومة والباطرونا والمركزيات النقابية. تفعيل الاتفاقات السابقة، اتفاق 26 أبريل 2011 والاتفاقات القطاعية، إذ أن تجاوب الحكومة مع نسخ الفصل 288 من القانون الجنائي والمصادقة على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية حول الحريات النقابية، سيكون مدخلا أساسيا لتصنيف تعامل الحكومة مع الحقوق والحريات النقابية، ولابد أيضا من إحداث الدرجة الجديدة في الوظيفة العمومية، وتفعيل التعويض عن العمل في المناطق النائية، وأيضا توحيد الحد الأدنى للأجر في القطاعين الصناعي والفلاحي. إقرار التشريعات الاجتماعية التي تتطلبها المرحلة بهدف دمقرطة وتحديث العمل النقابي، وذلك بإخراج قانون النقابات، ومراجعة القوانين الانتخابية بهدف التوصل إلى معايير موحدة لانتخابات ممثلي الأجراء في القطاعين العام والخاص، لمواجهة الاختلالات الكبرى بينهما، والتي لها تداعيات خطيرة على مسألة التمثيلية، فإذا كانت الانتخابات المهنية في القطاع العام تؤطرها ضمانات النزاهة والشفافية وفق مساطر واضحة، فإن الانتخابات في القطاع الخاص تبقى عرضة للتزوير في كل مراحلها، في ظل غياب نصوص واضحة لتأطير العملية الانتخابية. إخراج القانون الإطار للإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد وفق ما تم التوصل إليه في إطار اللجنة الوطنية واللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد. تحسين القدرة الشرائية للمأجورين والتي تعرضت خلال الحكومة المنتهية ولايتها إلى تدمير متعمد، بدءا برفع الدعم عن المحروقات والذي ساهم في ارتفاع الأسعار التي مست كل المواد الاستهلاكية، الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة والتي تنتهي على حساب المستهلك، تجميد الأجور بشكل منفرد، كل ذلك ساهم في إضعاف دخل المأجورين، مما يحتم على الحكومة الوصول إلى تعاقد اجتماعي عبر الحوار الاجتماعي يفضي من بين إجراءات أخرى إلى تحسين دخل الأجراء عبر مداخل متعددة، منها الزيادة في الأجور، إعادة النظر في الضريبة على الدخل، التخفيض من التكاليف الاجتماعية، ضمان السكن الاجتماعي للمأجورين…