كتبت اليومية الاقتصادية والمالية البريطانية (فاينانشال تايمز) أن المركز المالي للدار البيضاء يمثل قطبا متميزا بمؤهلات متعددة وموقع فريد من نوعه بإفريقيا، قادر على منافسة أهم الأسواق المالية في القارة، مثل جوهانسبرغ. وأبرزت اليومية أن المركز المالي للدار البيضاء، الذي أطلق في سنة 2010، يطمح لأن يصبح قطبا ماليا لشمال وغرب ووسط إفريقيا، مشيرة إلى «التقدم السريع» لهذا المركز المالي، الذي مكنه مؤخرا من «الولوج بكيفية جد متميزة» في مؤشر المراكز المالية العالمية (غلوبال فاينانشال سانتر إنديكس)، الذي يعد التصنيف الدولي المرجعي للأسواق المالية. وأضافت الصحيفة أن هذا المؤشر يعتبر جد مؤثر بالنظر إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات تستعمله من أجل البحث عن المراكز المالية القادرة على خدمة عملياتها الإقليمية. وباحتلاله المرتبة ال 62 عالميا والثانية إفريقيا ضمن هذا المؤشر، يؤكد المركز المالي للدار البيضاء، بالتالي، مصداقيته ويعزز جاذبيته على المستوى الدولي. وأشارت (فاينانشال تايمز)، في مقال لفيونا رينتول تحت عنوان «المستثمرون يراهنون على المركز المالي للدار البيضاء لولوج إفريقيا «، إلى أنه خلال الأربع سنوات التي تلت إطلاقه، فإن المركز المالي للدار البيضاء جذب حوالي 50 شركة من بين الأكثر شهرة، من بينها (بي إن بي باريبا)، و(إي إ جي) و(بوسطن كونسيلتين غروب). بالإضافة إلى ذلك، لاحظت اليومية أن عددا من مسيري الأصول المالية قد حصلوا أيضا على «وضع المركز المالي للدار البيضاء»، مثل «أنفست إي دي» و»أونيكس ويلت ماناجمنت» و»سيلك انفست»، منجذبة بالأساس إلى إمكانات النمو القوية في إفريقيا الفرنكوفونية. ونقلت الصحيفة عن سعيد الإبراهيمي المدير العام للمركز المالي للدار البيضاء أن المركز «يسعى لأن يصبح سوقا مالية في خدمة التنمية في إفريقيا، وبخاصة ببلدان منطقة شمال إفريقيا وغرب ووسط القارة». ومن هذا المنظور، فإن المركز المالي للدار البيضاء يعتبر قطبا اقتصاديا وماليا ومنصة ربط بين الشمال والجنوب، يسعى لجذب وتشجيع المؤسسات والمستثمرين الدوليين على الاستثمار والقيام بأنشطة في شمال وغرب ووسط إفريقيا، من خلال اختيار الدارالبيضاء كبوابة نحو هذه المناطق. وأشار الإبراهيمي إلى أن المؤسسات المالية والمقرات الإقليمية للشركات المتعددة الجنسية والخدمات المهنية مؤهلة للحصول على «وضع المركز المالي للدار البيضاء»، شرط أن يكون لديها «توجه إفريقي». ولحد الساعة، قدم نصف المرشحين للحصول على هذا الوضع من أوروبا، و14 بالمئة من الولاياتالمتحدة، و7 بالمئة من الخليج والباقي من إفريقيا. ويعتبر «وضع المركز المالي للدار البيضاء» بمثابة علامة تعطي الحق للحصول على حزمة جذابة من المزايا، من بينها حوافز ضريبية وتسهيلات على مستوى مراقبة الصرف، وتسهيلات مختلفة على صعيد ممارسة الأعمال التجارية. وحسب الصحيفة المهتمة بالمال والأعمال، فقد تم تعزيز الامتيازات من خلال الروابط التاريخية والثقافية التي يقيمها المغرب مع إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا، بالإضافة إلى وجود «تعاون جنوب - جنوب» في أوج ازدهاره، فضلا عن استقرار سياسي واقتصادي. ويرى يوسف لحلو، مدير المحفظة المالية لدى (سيلك إنفست)، شركة لندنية للاستثمار، أنه إذا كان «المغرب لا يملك نفس الموارد التي تتوفر عليها بلدان الجوار، فإنه ينعم باستقرار حقيقي». وأضافت الصحيفة، في هذا الصدد، أنه «بفضل هذا الاستقرار تمكنت المقاولات المغربية من تحقيق تطور في البلدان المجاورة». في هذا السياق، أشارت الصحيفة، نقلا عن يوسف لحلو، إلى مثال «التجاري وفا بنك»، أكبر البنوك المغربية، الذي اقتنى في سنة 2005 بنك الجنوببتونس، حيث أضحى اليوم «التجاري بنك تونس» نموذجا. كما يعتبر التجاري وفا بنك واحدا من العديد من الشركات المغربية التي قامت بعمليات اقتناء في غرب أفريقيا، وتنويع إيراداته من خلال الاستفادة من الأسواق المتنامية. وأشارت الصحيفة، نقلا عن جوزيف روم، مدير محفظة لدى الصندوق الإفريقي (أنفيستيك إيكيتي فاوندس) أنه «ما بين الثلاث والخمس سنوات الماضية، خاضت الشركات المغربية استراتيجية نمو متسارعة بإفريقيا والغرب الفرنكوفوني». ويتواجد التجاري وفا بنك اليوم في موريتانيا، والسنغال، وبوركينا فاسو، وغينيا بيساو ومالي وكوت ديفوار والكونغو والغابون والكاميرون وتوغو والنيجر. واعتبر روم أن الاستثمار في مثل هذه الشركة يتيح الولوج إلى هذه البلدان. فضلا عن توسع الشركات المغربية في تجاه الجنوب وتقوية موقع المغرب كمركز إقليمي. وفي الواقع، لاحظ روم، أن المركزين الماليين في إفريقيا، جوهانسبرغ وجزر موريس، لا يمكنهما أن يوفرا نفس الولوج إلى غرب إفريقيا الفرنكوفونية، ومن دون شك أن المغرب «لديه تقارب ثقافي كبير مع غرب إفريقيا». وقد أغرت مميزات المركز المالي للدار البيضاء المؤسسة السويسرية «أونيكس ويلت مناجمت إنترناسيونال» التي تعتزم تقديم منتجاتها وخدماتها في المغرب وخارجه. وأشارت الصحيفة إلى أن الإبراهيمي يحدوه طموح كبير بالنسبة للمركز المالي للدار البيضاء، حيث يقول أن «الهدف الأساسي لأي مركز مالي في إفريقيا يتعين أن يكون جعل تدفق الأعمال سهلا، متوقعا وموثوقا به في إفريقيا، وكذا في الولاياتالمتحدة وأوروبا أو اليابان». وخلص مدير المحفظة المالية ل»سيلك انفست» يوسف لحلو، بالقول إن المركز المالي للدار البيضاء سيصبح «البوابة الرئيسية تجاه إفريقيا جنوب الصحراء».