نظم منتدى المواطنة يوم السبت 15 أبريل 2017، بقاعة الندوات بمقاطعة الصخور السوداء بالدار البيضاء مائدة مستديرة حول: سياسة الدعم والسينما المغربية: مكسب او عطب؟ وذلك بحضور جمهور عريض من المخرجين والنقاد السينمائيين والفاعلين الجمعويين. وقد جاء في الورقة التقديمية للمائدة عدة تساؤلات جوهرية حول واقع المشهد السينمائي داخل البلاد من قبيل:هل تحول الدعم السينمائي إلى ورطة، وهل كانت السينما المغربية ستكون مهيضة الجناح بدونه؟فهذا هو السؤال الذي يرخي بضلاله الكثيفة على المشتغلين بقطاع السينما، كلما اقترب موعد المهرجان الوطني للفلم، وكلما تبين أن هذا الفلم أو ذاك لا يحمل معه سوى التخريب السينمائي… المائدة كانت من تسيير الكاتب سعيد منتسب الذي قدم قراءة تحليلية لواقع الحال السينمائي المغربي قبل أن يفتح النقاش على عدد من المداخلات والتي افتتحها الناقد نور الدين بوخصيبي الذي ذهب إلى ضرورة التفكير وطرح نقاش في هذا الموضوع، من أجل منظور شمولي لمسألة الدعم السينمائي فلا يمكن فصل سياسة الدعم اليوم عن السياسة التعليمية والسياسة الإعلامية، والاقتصادية للبلاد، فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمستوى التعليمي المتدني للمشاهد والسياسة الإعلامية المحدودة للتلفزيون المغربي، والسياسة الاقتصادية المتبعة أمام غياب صناعة سينمائية حقيقية،ومنتجين حقيقيين. أما المخرج لطيف الحلو فقد جاء في كلمته أن المغرب محتاج إلى سينما فاعلة ومؤثرة، وإن كان لا يمتلك لوجستيك السينما من إنتاج وتوزيع وتسويق. فالأولى بمهني القطاع تقديم اقتراحات للجهات المسئولة وليس للمجتمع المدني، وضرورة الرفع من الدعم والتفريق ما بين المخرجين المبتدئين والمخرجين المحترفين. كما ينبغي تغيير أعضاء اللجنة وإدماج مخرجين فيها، فمن غير المعقول أن تضم ستة أعضاء من الإدارة لا يفقهون في أدبيات السينما. والضرب على أيدي المتلاعبين، فلا يمكن للمخرج أن يكون منتجا ومخرجا لفيلم ذاته،أما المخرج لحسن زينون فقد تطرق في معرض مداخلته لجملة من الإكراهات البنيوية التي تعترض الفاعل السينمائي المغربي، ومن أهمها وجود صندوق وحيد للدعم داخل البلاد وعدم وجود عدد كافي من القاعات السينمائية، بالإضافة إلى ضعف ثقافة الصورة لذي المتلقي العادي، ما يجعله ضحية الاستلاب والتبعية للجاهز والتجاري. من جهته اعتبر المخرج عبد الإله الجواهري: أن الدعم مكسب ينبغي أن نعض عليه بالنواجد، لأنه مستهدف من جهات متعددة لها عداء مع السينما. هناك عدة قوانين وتصورات لكن المشكل في كيفية تطبيقها، هذا وقد وضح الناقد حسن نرايس على أن منتدى المواطنة نظمت هذا النقاش بعد الفراغ الذي تركته الغرف المهنية، والتي تمت دعوتها لحضور النقاش وغابت عنه. قبل أن يتطرق إلى ضرورة إحداث قانون يلزم المخرج بالالتزام بمدة العقد، وعدم تجاوزه، وهو الحال السائد تحت ذريعة بحثه عن تمويل خارجي. كما ينبغي الحد من مسألة إدراج أسماء ممثلين في السيناريو المدفوع للدعم لنفاجئ بغيابهم في الفيلم المصور،. كما أنه ينبغي إعادة النظر في لجنة الاختيار في الأفلام القصيرة التي غالبا ما تحصل على الدعم ولا تعرض. كما لا يعقل ألا يوجد شخص متخصص في الفيلم الوثائقي في أعضاء لجنة الدعم. أما بالنسبة للرقابة التلفزيونية التي ترفض عرض بعض الافلام والتي لاقت نجاحا في القاعات السينمائية، فيقترح لماذا لا تعرض بعد منتصف الليل ونضع (-16) مثلا. كما جاء في كلمة مصطفى العلواني عرض بالتحليل والنقد لممارسات بعض السينمائيين الدين يسيئون للقطاع، باعتماد بعد أسانيد التحايل للحصول على منحة يعتبرونها غنيمة، ما ينتج عنه أفلام مفككة فنيا، فاقدة للقيمة الجمالية، وهو ما أخذت الصحافة الوطنية تحاصره مؤخرا، بالرصد والتتبع، أما الكاتب حسن برما فجاء في عرضه الإشادة ببعض نقاط القوة التي تحسب للسينما المغربية، من بينها إحراز عدد من الجوائز في ملتقيات دولية كبرى رغم محدودية الدعم، واستماتت بعض المخرجين الذين أكملوا من مالهم الخاص إتمام بعض مشاريعهم الفلمية، حيت أن الإكراهات لم تمنع عدد منهم من الوصول بالسينما المغربية إلى مراحل جد متقدمة، جعلها تنافس على الريادة إفريقيا، أما المخرج محمد مفتكر فقد وجه نقدا متقدما للصحافة المغربية، التي- حسب طرحه- لا تتوفر على منابر متخصصة في السينما، ما يجعل الكثير من الصحفيين يقدمون تحليلات سطحية ويتعاملون مع هذا الفن بمنطق الخبر التجاري فقط، حيت البحث عن تضخيم العناوين وتتبع العثرات، بدل أن تعمل هذه الصحافة على إسناد السينما المغربية التي باتت تعرف اعترافا دوليا متناميا بالمتابعة الرصينة والتحليل المتخصص، والمساعدة بالإشهار والانتشار للأعمال الجيدة. كلام المخرج والسيناريست محمد مفتكر رد عليه الصحافي جمال الخنوسي الذي اعتبر أن الصحافي هو حليف للسينمائيين وخصما لهم، وأنه عوض انتظار مبادرات الصحافيين ينبغي على السينمائيين التحرك أيضا في اتجاه الإعلام بغاية تزويده بالمعلومة الصحيحة، لأن الصحافي في خضم بحثه عن الخبر ليس مطلوبا منه أن يتحول إلى ناقد أو خبير في هذا المجال. أما الناقد محمد باكريم فقط جاءت مداخلته مركزة وكشفت الغطاء عن عدد من المعطيات المتعلقة بالسينما المغربية في مقارنة بعدد من التجارب الرائدة عالميا في هذا المجال، فالأفلام المغربية، حسب ما ذهب إليه ، أصبحت تحضي بنسبة مشاهدة عالية بل حتى هي من تحطم الأرقام القياسية في عدد التذاكر في قاعات العرض وهو ما يؤكد نضج عدد من التجارب الشابة التي حملت المشعل، كما أنها أصبحت تعرف ليس فقط اهتمام الجمهور والنقاد، بل أثارت نقاشات كبرى ودخلت إلى البرلمان وخلقت ردود فعل واسعة للرأي العام خارج دائرة رواد السينما والمهنيين، وهناك عدد من الأفلام استأثرت بدائرة التداول الصحافي وخلقت الحدث بل صارت محط نقاش مجتمعي موسع وكبير، وهو الناتج عن طفرة في الإنتاج وتنوع جيلي فبالإضافة إلى الرواد، الذين ما زالوا يشتغلون بنفس الحماس، تعزز المشهد السينمائي بوصول مخرجين شباب تلقوا تكوينات عالية واحتكوا بتجار عالمية . أما المخرج سعد الشرايبي فتناولت ورقته إشكالية الميزانية المخصص للدعم، والتي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ 15 سنة، بينما يتضاعف عدد المخرجيين سنة تلو الأخرى، وذهب رئيس منتدى المواطنة السيد عبد العالي مستور إلى ضرورة نزول المثقف للميدان لربط التواصل مع الجمهور، وبأن على مهني الميدان دخول المدرسة وتكوين الشبيبة المغربية، لأنها الوحيدة القادرة على إحداث التغيير في المجتمع المغربي.