نبه رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب رئاسة الجلسة بعدما عرضت مجموعة من مشاريع القوانين تتعلق بمجموعة من الاتفاقيات الدولية، ورغبت في التصويت عليها دون تقديمها من طرف الحكومة التي ظلت كراسيها فارغة إلا من ممثلها الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، أن الضوابط الدستورية والقانونية تفرض بأن ألا تناقش الجلسة العامة أو تصوت إلا بعد أن تقدم الحكومة مشروع القانون. وفوجئ النواب عندما عبر الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان عن أنه لن ينوب عن الحكومة في الملف المتعلق بالاتفاقيات الدولية المعروضة، والتي تخص تعديل الاتفاقية بين المغرب والهند لتفادي الازدواج الضريبي ومنع التهرب الجبائي في ميدان الضرائب على الدخل الموقع بنيودلهي في 8 غشت 2013 ، ثم اتفاقية أخرى متعلقة بالاتفاق الثنائي حول المساعدة المتبادلة الإدارية في المجال الجمركي الموقع بالرباط في 5 شتنبر 2013، بين المغرب والغابون، والاتفاق الموقع بين البلدين بشأن إلغاء تأشيرات الدخول لجوازات السفر العادية، ثم الاتفاقية الأوربية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي الموقعة بسترسبورغ وأخيرا مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاقية التعاون القضائي في المادة المدنية الموقعة بالبرازيل في 18 شتنبر 2013 بين المغرب والبرازيل. وأدى تشبث النواب والنائبات بالمساطر القانونية، أمام الخرق الدستوري والقانوني الذي تم في الجلسة العامة أول أمس، و التي ترأسها نائب رئيس مجلس النواب محمد يتيم والمنعقدة من أجل المصادقة والتصويت على تعديلات في مجموعة من المشاريع، إلى رفع الجلسة من أجل أن تحل الحكومة مشاكلها مع من يمثلها، وهو ما تم بالفعل بعد قبول الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان تقديم المشاريع المطروحة، الشيء الذي يفسر الخلل الواضح في التدبير الحكومي والغياب التام في الانسجام بين مكونات الحكومة، وهو ما بدا بالفعل على سلوك وملامح الحبيب الشوباني وهو يقبل بمرارة تقديم مشاريع لقطاع من المفروض أنه يمثل علاقته مع البرلمان إلى جانب باقي القطاعات الأخرى. ولعل ما وقع في الجلسة العامة ليوم الأربعاء لم يكن بداية في مسار سجلت فيه الحكومة الحالية وأغلبيتها ضربا في صميم الدور البرلماني الذي يكفل له الدستور والقانون حرمته المؤسساتية، ودوره الرقابي والتشريعي في أفق مأسسة الحياة السياسية المغربية في كافة أوجهها، بل إن هذا الخرق سبقته خروقات أخرى تمثلت في عدم استكمال النصاب في التصويت على العديد من مشاريع القوانين وأهمها قانون المالية، وفي أحيان كثيرة كان يبدو فيها المشهد وكأنه نوع من الترهيب الممنهج، مرة باستعمال المنطق العددي في الأغلبية بنية ضرب دور المعارضة واستبعاد مفهوم التشارك بما فيه مصلحة للتشريع في بلادنا، ومرة أخرى بالتحايل على الزمن البرلماني بالتضييق بخطة محكمة في الدفع بمشاريع القوانين دفعة واحدة ليصبح العرض والتصويت « بالجملة»، كي لا يميز المراقب وخصوصا المعارض منه بين العديد من الفقرات الممررة، وتلك هي أزمة التعديلات التي يتعامل معها نواب الأغلبية العددية ومعهم الحكومة وكأنها انتصار لإيديولوجية ضد أخرى في الوقت الذي يكون فيه «تعديل ما» في مصلحة وطن بكامله.