عقد البرلمان بمجلسيه، يوم أمس بمقر مجلس المستشارين، ندوة مغلقة حول «الحضور الدبلوماسي البرلماني على مستوى إفريقيا»، وافتتح هذا اللقاء الذي يروم تسليط الضوء على الأسئلة والتحديات والرهانات من أجل ترسيخ دبلوماسية مثمرة وناجعة على مستوى إفريقيا بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، كل من الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، وعبد الحكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين. وشدد رئيس مجلس النواب في بداية اللقاء، على أن هذه المبادرة المشتركة ما بين مجلسي البرلمان المغربي تجسد روح التعاون والتكامل بين المؤسستين، بحيث أن هناك آلية بين المجلسين تدبر كل الملفات ذات الاهتمام الذي يتجاوز ما هو ظرفي وآني إلى الحرص والاهتمام بالقضايا المشتركة المتعلقة بالمصلحة الوطنية، واستشراف المستقبل في الملفات المشتركة في أفق إشراك كل البرلمانيين فيها. وسجل المالكي في هذا اللقاء الذي حضره رؤساء اللجان الدائمة ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، على أن الملحمة الإفريقية التي قادها جلالة الملك منذ سنين توجت بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي، كمؤسسة ساهم في تأسيسها منذ أوائل الستينيات انطلاقا من مجموعة الدارالبيضاء الإفريقية ومنظمة الوحدة الإفريقية وصولا إلى الاتحاد الإفريقي. وفي هذا السياق، قدم رئيس مجلس النواب ثلاث ملاحظات أساسية كمدخل من أجل ترسيخ ديبلوماسية برلمانية ناجعة ومثمرة، تحقق الأهداف والمرامي التي يسعى إليها المغرب بخطى ثابتة في تأكيد حضوره الإفريقي والعربي والدولي: أولا، أكد المالكي على بديهية متمثلة في أن المغرب بلد إفريقي، والتوجه نحو إفريقيا اختيار استراتيجي مستقبلي لأسباب متعددة، أجملها رئيس مجلس النواب في أن إفريقيا تعيش تحولات عميقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، و في نفس الوقت ساهمت هذه التحولات العميقة أيضا وتدريجيا في إرساء أنظمة ديمقراطية، وإرساء طبقات وسطى، وإنعاش سوق داخلية، وقد أدى كل ذلك إلى تعميق الوعي الشعبي بضرورة استثمار الخيرات الإفريقية، وساهم ما أسماه المالكي ،التحول في الوعي الشعبي، في ترسيخ ثقافة جديدة لدى صناع القرار في إفريقيا. ثانيا، لفت المالكي الانتباه إلى أن إفريقيا اليوم مختلفة عن إفريقيا الأمس، بحيث أن النخب الإفريقية الجديدة لم تتأثر بالحرب الباردة، كما أنها ليست سجينة إيديولوجية الغرب والشرق، طموحها واحد يتمثل في البناء الديمقراطي والدفاع عن الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية لإفريقيا في أفق التضامن والكرامة. ثالثا، أشار المالكي إلى أن كل دراسات وتحاليل المعاهد ومراكز الدراسات والأبحاث الفكرية والعلمية تعتبر أن إفريقيا الغد، التي هي إفريقيا الجديدة، ستشكل إحدى القاطرات الأساسية للاقتصاد العالمي، نظرا للثروات الديموغرافية أو ما يسمى الرأسمال البشري، ثم الرغبة الأكيدة للنخب الإفريقية في تحسين الأوضاع المعيشية للشعوب الإفريقية. ومن هذه المنطلقات شدد رئيس مجلس النواب على أن الضرورة تفرض وضع استراتيجية برلمانية ناجعة تحصن المكتسبات، وفي مقدمتها ثمار الدبلوماسية التي نهجها جلالة الملك محمد السادس، ولابد من فتح آفاق جديدة وتطوير دور البرلمان المغربي في دبلوماسية ناجعة تستشرف المستقبل في كل ما يتعلق بالتعاون جنوب- جنوب. وحذر رئيس مجلس النواب من تهميش صوت الشعوب الإفريقية، قائلا «لابد من إشراك الشعوب الإفريقية كيف ما كانت الأوضاع، لابد من أن نسمع صوت الشعوب وجعلها فاعلة في اتخاذ كل القرارات التي تهم مصيرها»، وعلى هذا الأساس قدم المالكي مخططا ثلاثيا( 2017-2020) من أهم أهدافه الانضمام إلى برلمان عموم إفريقيا، وبرلمان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، هذا المخطط الثلاثي يروم ترسيخ تواجد المغرب داخل المؤسسات البرلمانية. وفي هذا السياق، أكد المالكي على ضرورة تثبيت حوار ثلاثي إفريقي عربي أوروبي، باعتبار أنه لا يمكن أن تنطلق القارة الإفريقية دون الانفتاح على ما هو أقرب إليها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، هذا الحوار الثلاثي ،يقول المالكي، سيجعل من القارة الإفريقية ،دون شك، شريكا في كل ما يمكن أن يقدم من اقتراحات واستراتيجيات. وخلص المالكي إلى ضرورة القيام بقراءة موضوعية لما تم إنجازه من طرف المغرب خلال السنوات الأخيرة، كقوة داخل القارة الإفريقية، وبالتالي إمكانية تقويته على المستوى الإفريقي والعربي و الاورمتوسطي، وهذا مرتبط بمدى تجذرنا على عدة مستويات، مما سيعزز موقع المغرب وتواجده في المجموعات القريبة منه جغرافيا، وعلى المستوى الدولي أيضا.