ينزع المشاهد المغربي خلال شهر رمضان الفضيل إلى متابعة الأعمال التخييلية التلفزية (الدرامية والفكاهية) عبر شبكة برامج قنوات التلفزيون المغربي، وكذا عبر عدد من القنوات والفضائيات العربية، بحثا عن متعة فنية وإفادة قدر الإمكان، في زمن لازال المسؤولون عن التلفزيون المغربي يؤمنون بأن التوجه سيظل راسخا في كون العمل الدرامي الوطني هو حكر على موسم واحد. فقد وضعت كل من قناة «الأولى» وكذا كل القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية «دوزيم»، و«ميدي1تيڤي» ضمن شبكة برامجها الرمضانية العشرات من الإنتاجات الدرامية، تشكل فيها الإنتاجات الوطنية حيزا مهما. فإذا كان المشاهد المغربي، ومعه المتتبع، قد تناول بالسؤال الأيام والأسابيع والشهور التي سبقت شهر رمضان الفضيل: ما الذي سيقدمه التلفزيون المغربي ضمن شبكة برامج رمضان ومدى استجابة هذه البرامج لتطلعات الجمهور المغربي، ومدى جودتها.. فقد جدد مع بداية بثها ومشاهدته السؤال حول تكرار ذات الوجوه ونفس السلسلات تنجزها نفس شركات الإنتاج في نفس التوقيت وعلى القنوات نفسها، سؤال التكلفة المالية لبرامج شهر رمضان في التلفزيون. وما إحصاء حجم المواد الدرامية والفكاهية التلفزيونية المقدمة إلى المشاهد المغربي في شهر رمضان على مختلف شاشات قنوات التلفزيون المغربي التي أنتجتها أو نفذت إنتاجها شركات إنتاج بعينها لدليل على أن لا شيء يتغير، وأن الكعكة ذاتها موزعة على شركات الإنتاج نفسها مع قليل استثناء، ومناسبة لطرح السؤال حول مدى احتكار بعض شركات للانتاج التلفزيوني، بالرغم من سوابقها في تقديم أعمال رديئة، إذ أن نفس شركات إنتاج الزمن التلفزيوني السابق تعود ببرامجها في رمضان الحالي، سواء على القناة الأولى أو الثانية أو «ميدي 1 تيڤي». وهكذا، فأوساط تلفزيونية تحدثت عن استحواذ 10 شركات على أزيد من 25 مليارا و333 مليون سنتيم لتحصل على نسبة 65 في المائة. وتصدرت اللائحة شركة «عليان للانتاج» بحصولها على 13 عملا، عبر طلبات عروض بحوالي 4 مليارات سنتيم من ميزانية قنوات القطب العمومي التي قدرت ب 32 مليارا لتحصل بذلك على نسبة 14.29 في المائة. فقد شكلت أغلب الأعمال التي تقدمها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، عودة شركات إنتاج مثل شركة «عليان للانتاج» لمالكها نبيل عيوش، الذي تقدم له القناة الأولى سلسلة «سوبير مارشي» في ساعة الذروة، التي يشارك في بطولتها كل من بشرى أهريش وأمال الأطرش، ومن إخراج شوقي العوفير، بكلفة إجمالية بلغت 360 مليون سنتيم. كما تقدم له القناة الأمازيغية برنامج «اكتشاف المواهب» على رأس البرمجة الرمضانية للقناة، وحصلت شركة عيوش مقابل إنتاج هذا العمل، الذي لا تتجاوز مدته 7 دقائق، على نحو 120 مليون سنتيم. وتقدم شركة الانتاج «سبيكتوب» لصاحبتها فاطنة بنكيران، السلسلة التلفزيونية «بنت الناس» التي كتبت حلقاتها بشرى الوادي وأخرجها هشام الجباري. وبلغت الميزانية التي رصدتها له القناة الأولى للسلسلة التلفزيونية «بنت الناس»، التي يشارك فيها مجموعة من الممثلين الذين تعودوا على الاشتغال مع فريق المنتجة، من قبيل الممثل عبد الصمد مفتاح الخير والبشير واكين وكمال كاضمي، حوالي 540 مليون سنتيم. كما تعرض القناة الثانية مسلسل «كنزة في الدوار»، الذي تنتجه شركة «عليان للانتاج» للمخرج هشام العسري، من بطولة دنيا بوطازوت ومريم الزعيمي ومحمد بسطاوي وغيرهم، ووصلت تكلفته المالية إلى 990 مليون سنتيم، وتصل مدة بثه 30 دقيقة. وتقدم شركة «ديسكونكتد» لصاحبتها نجاة القبي، زوجة المدير السابق لقناة «الرياضية» مسلسل «زينة» أو «عندي قليب واحد» الذي يشارك فيه مجموعة من الممثلين مثل سهام أسيف وهدى ريحاني وإدريس الروخ، وكلف ياسين فنان بمهمة الاخراج بقيمة 990 مليون سنتيم . وتعرض القناة أيضا سلسلة قصيرة بعنوان «مرا وقادة»، من إنتاج «آية للإنتاج»، بقيمة 195 مليون سنتيم. كما يتابع المشاهد برنامج الكاميرا الخفية «جار ومجرور» ساعة الذروة، بمبلغ مالي وصل إلى 240 مليون سنتيم، ويقوم بإنتاجها عبد الرحيم مجد صاحب شركة «إم برود». هذا، في الوقت الذي برمجت فيه «ميدي1 تيڤي» لمشاهديها مسلسل «ألف ليلة وليلة»، الذي تكلف أنور معتصم بالإنتاج والإخراج باسم «شركة كازا بلانكا بيكتشر»، التي يملكها رفقة ياسين عيوش، أخ المنتج نبيل عيوش وابن الملياردير المعروف نور الدين عيوش. وبلغت قيمة العمل حسب التكلفة المعيارية التي تقدر بحوالي 35 مليونا للحلقة الواحدة، بمعنى أن معتصم وعيوش سيجنيان مليارا و50 مليون سنتيم مقابل إنتاج 30 حلقة. هكذا، فإن التساؤل حول أوجه صرف الميزانية المخصصة للمنتوج التخييلي سيشكل بدون شك مدخلا أساسيا لتحديد، بشكل شفاف وواضح، أسس معادلة المنتوج التلفزيوني، سواء تعلق الأمر بالجودة، الكلفة، والربح، ذلك، أن الشفافية، أضحت ضرورة ومحركا أساسيا في التعامل بين القنوات التلفزية المغربية، وبين مؤسسات الانتاج السمعي البصري، من خلال عقود واضحة توقع بين القناتين وشركات تنفيذ الانتاج، لأجل تحديد المسؤوليات والواجبات أيضا وربط المسؤولية بالمحاسبة في ظل غياب عقد برنامج واضح بين القنوات التلفزية المغربية والوزارة الوصية.