منطقة أقصى الشمال الكاميروني لم تحظ هذا العام بمتابعة مباريات مونديال البرازيل كغيرها من بلدان المعمور . فالخوف من حدوث عمليات محتملة لبوكو حرام، أجبر عشاق كرة القدم على الانزواء في بيوتهم منذ الساعات الأولى من المساء، خصوصا أنّ السلطات الكاميرونية حظرت جولات الدراجات النارية، وسيلة النقل الرئيسية في المنطقة، منذ ال8 ليلا. «فوبيا» بوكو حرام أتت على تلك الشحنة من الحماس التي تغشى في العادة الأجواء في بلد تأهل منتخبه الوطني لفعاليات كأس العالم، وجعلت المشجعين يلازمون منازلهم، ملتصقين بأجهزة التلفزيون، يتابعون على وقع رتيب مباريات فريقهم. منذ 12 يونيو الجاري، تاريخ انطلاق مباريات كأس العالم لسنة 2014 في البرازيل، ارتدت المقاهي والمطاعم والحانات في العاصمة ياوندي ألوان المنتخب الكاميروني لكرة القدم، أحد المنتخبات الأفريقية ال5 التي تأهّلت لهذه المنافسة الكروية الدولية. ففي كلّ مساء، تتدفّق حشود المشجّعين على هذه الأماكن العامة لمتابعة المباريات بشكل جماعي. غير أن الأجواء تبدو مختلفة تماما في أقصى الشمال الكاميروني، فهناك تآمرت الجغرافيا على هذه المنطقة، لتجعل منها مسرحا لعمليات بوكو حرام، بسبب تقاسمها للحدود مع نيجيريا، مقر الجماعة المسلحة. قال إبراهيم بوبا من سكان بلدة «أوزال»، الواقعة على بعد حوالي 45 كم من الحدود النيجيرية، «وكأن الناس هنا يتجاهلون كأس العالم، الشوارع خالية من علامات الزينة والاحتفال، والأماكن العامة لا حياة فيها، كل واحد يكتفي بمتابعة المباريات في منزله». ومنطقة أقصى الشمال الكاميروني تتقاسم حدودها مع نيجيريا، وقد شهدت عمليات تفجير وخطف متعدّدة لبوكو حرام. المنطقة الشمالية كانت شاهدة أيضا على اختطاف العديد من أفراد الجاليات، آخرها كان اختطاف 10 صينيين كانوا يعملون في حظيرة لأشغال بناء طريق. وأضاف بوبا، معلّقا على الموضوع: «كنا نتطلع لأن تقام شاشة عملاقة في الساحة العامة، حيث يمكننا الالتقاء مع الأصدقاء ومشاهدة المباريات معا، إلا أن الوضع الأمني الحالي لا يسمح بذلك، فأنا نفسي لن أشعر بالأمان والطمأنينة وأنا أتوسط حشدا من الناس لمتابعة المباريات». في انتظار عودة الأمن إلى المنطقة، ارتأت السلطات الإدارية منع جولات الدراجات منذ الثامنة ليلا، حظر تجوال مقنع ، بما أن قرارا مماثلا يعني دخول المنطقة بأسرها في سبات عميق، لأن الدراجات النارية تعتبر وسيلة النقل الرئيسية فيها. قال يايا دندجو، أحد سكّان مدينة «ماروا»، عاصمة منطقة أقصى الشمال الكاميروني، بالإضافة إلى حظر حركة المرور في المساء، فإن أصحاب الحانات يتجنبون التجمعات الكبيرة، ف «نحن نخشى انفجار قنبلة أو أن تفاجئ عناصر بوكو حرام الجميع وهم بصدد متابعة مباراة لكرة القدم». سيريل نانا، من سكان «ماروا» أيضا، استقطبه الموضوع بشكل كامل، فلم يفوت على نفسه فرصة التعقيب عليه، قائلا: «أنا أستمتع حقا بمشاهدة المباريات مع الأصدقاء أو في الأماكن العامة، ولكن ما أستمتع به أكثر هو أن تتاح لي فرصة التعليق على مجريات المباريات مع المحيطين بي، غير أن المحافظة على سلامتي تضطرني لمتابعة كأس العالم من المنزل، وهذا ما يحزنني».