نجح محمد اليعقوبي والي طنجة في نزع فتيل الإضراب العام الذي هددت بشنه الجمعيات الأكثر تمثيلية لمهنيي النقل الدولي ووكالات التعشير بميناء طنجة المتوسطي، احتجاجا على الأوضاع المزرية التي أصبح يتخط فيها القطاع، في ظل استمرار التجاهل الحكومي. وهو الإضراب الذي كان من شأنه أن يشل الحركة الملاحية بالميناء المتوسطي، مع ما يترتب عنها من أضرار بالغة للاقتصاد الوطني، مثلما كان يهدد بإرباك عملية العبور لهاته السنة. اليعقوبي التزم مقابل تعليق الإضراب بتنظيم جلسات حوار فورية مع المهنيين بحضور مسؤولي الإدارات المتدخلة في قطاع النقل الدولي واللوجستيك، حيث تم عقد ثلاثة اجتماعات ماراطونية على امتداد الأسبوع المنصرم مع كل من منير الشرفي المدير العام للجمارك، وفؤاد البريني رئيس المجلس الإداري للوكالة الخاصة بالميناء المتوسطي((TMSA ، والوكيل العام للملك باستئنافية طنجة. وفيما عبر المهنيون عن ارتياحهم لنتائج الحوار مع المدير العام للجمارك، الذي أبدى استعداده لمعالجة جميع المعيقات والمشاكل التي يعانونها مع إدارة الجمارك، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجنة ثنائية عهد إليها إيجاد الحلول الملائمة، مع وضع مشروع اتفاقية إطار ستنظم العلاقة بين الطرفين، وهو الارتياح ذاته المعبر عنه في تقييمهم لنتائج الحوار مع رئيس وكالة ميناء طنجة المتوسطي، الذي التزم بوضع جدولة زمنية محددة لتدارس المشاكل العالقة بين وكالة الميناء والمهنيين، ووضع الحلول المناسبة لها، والتي من شأنها أن تضع حدا لحالة الاحتقان والتوتر التي تطبع العلاقة بين الطرفين. غير أن اللقاء الذي عقدوه مع الوكيل العام لاستئنافية طنجة لم يسفر عن أي نتائج تذكر، خاصة على مستوى وضع حد للاعتقالات التعسفية و العشوائية التي تطال المهنيين و مستخدميهم كلما تم ضبط شاحنة محملة بالمخدرات أثناء عبورها للميناء المتوسطي في اتجاه إسبانيا، والتي غالبا ما تنتهي بالإفراج عن المعتقلين بعد أن يكونوا قد أمضوا مددا طويلة من الاعتقال الاحتياطي. الوكيل العام وإن عبر عن تفهمه لمطالب المهنيين واستعداداه للنظر في ملفاتهم، فإنه شدد في نفس الوقت على أن المدخل الحقيقي لرفع هاته المعاناة لن يكون إلا تشريعيا، من خلال إدخال تعديلات على المسطرة الجنائية، في إحالة ضمنية على مسؤولية الوزارة الوصية. وفي تصريحات خصوا بها الجريدة، انتقد المهنيون بشدة مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بسبب ما اعتبروه تملصا من جميع التزاماته التي سبق أن عبر عنها، حيث كان قد وعدهم بإدراج التعديلات اللازمة فيما يخص ظهير 1970 المطبق في ميدان قمع استهلاك والتهريب اللامشروع للمخدرات، وكذا القيام بإصلاح شمولي للقانون الجنائي يراعي التناسق بين النصوص القانونية المحدثة بهدف تنفيذ سياسة جنائية متوازنة وفعالة تضمن تحقيق المحاكمة العادلة. وذكر المهنيون في ذات التصريح بالتعاطي الإيجابي الذي كان قد عبر عنه الأستاذ عبد الواحد الراضي، وزير العدل الأسبق، عقب استقباله لأعضاء الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات، حيث سلموه مذكرة تفصيلية أعدها محامون متخصصون أبرزهم المرحوم عمر دومو المدير السابق للشؤون الجنائية والعفو. غير أنه بسبب مغادرة الراضي لوزارة العدل، وانشغال سلفه المرحوم الناصري بتنزيل مستجدات دستور 2011 تأجل مسار الإصلاح. وختم المهنيون تصريحهم بتحميل الوزير الرميد كامل المسؤولية في توتير الأجواء، مما ينذر بعودة شبح الإضرابات في هذا القطاع الحيوي، كما لم يفتهم التعبير عن امتعاضهم من موقف الصمت واللامبالاة الذي يبديه بنكيران تجاه المطالب المشروعة للمهنيين، وفي مقدمتها تنزيل الاستراتيجية الوطنية التي راهنت على خفض تكلفة النقل واللوجستيك إلى 20 % ، خاصة وأن قرار الحكومة بتحرير المحروقات زاد من تأزيم وضعية قطاع النقل واللوجستيك، وخلف انعكاسات جد خطيرة على تنافسية هذا القطاع الحيوي.