كشف والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري أن الحكومة تتفاوض حاليا مع بعثة من صندوق النقد الدولي لطلب خط إئتماني جديد من الصندوق يمتد مفعوله على مدى سنتين بداية من شهر غشت القادم. أي مباشرة بعد انتهاء صلاحية الخط الائتماني الحالي الذي كان المغرب قد حصل عليه سنة 2012 ، ولم يسحب منه أي دولار،غير أن الجواهري توقع أن تكون قيمة الخط الائتماني الجديد أقل من سابقه الذي بلغ حينئذ 700 في المائة من حصة المغرب في الصندوق ، مؤكدا أن هذا القرض يكون بمثابة واق من الصدمات الخارجية وخاصة المتعلقة بأسعار البترول. وأوضح الجواهري في أعقاب ندوة صحفية عقدها أول أمس «لقد تلقينا جوابا أوليا إيجابيا من صندوق النقد الدولي ونعكف حاليا، بمساعدة بعثة من الصندوق، على وضع اللمسات الأخيرة على هذا الخط». وأضاف الجواهري أن المغرب يتفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي لتحديد التفاصيل والشروط المرتبطة بهذا القرض الائتماني والمتعلقة أساسا بمدى قدرة الحكومة على التحكم العجز الموازناتي، و ضبط الاحتياطي من العملة الصعبة .. وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد قد أكدت خلال زيارتها الشهر الماضي للمغرب أن الصندوق مستعد لإعادة التفاوض على خط الائتمان الاحترازي, حيث لمحت حينها الى إمكانية تجديد التفاوض بشأن هذا القرض «إذا ارتأت الحكومة المغربية إنها في حاجة اليه». واعتبرت لاغارد أن المغرب »تعامل بذكاء مع هذا الخط الائتماني«، مضيفة أن »المغرب استخدمه فقط كتأمين. نحن تحت تصرف السلطات المغربية إذا كانت تعتقد أنه مفيد ..القرار متروك للمغرب. نبقى منفتحين ومؤيدين لإعادة التفاوض عليه.«. ورغم أن المغرب لم يسحب أي دولار من المبلغ الذي وضعه صندوق النقد الدولي تحت تصرفه، إلا أن ذلك ساعده في كسب ثقة المستثمرين الأجانب خلال الأزمة الخانقة التي وصلت إليها المالية العمومية، حيث بلغ عجز الميزانية مستويات قياسية. بيد أن هذا القرض لم يكن مع ذلك »مجانيا«، فقد أدى عنه المغرب ولو لم يستعمله، نسبة فائدة تناهز 1 في المائة وهو ما يقارب 62 مليون دولار، كما كلفه، وهذا هو الأهم، تدابير صارمة كانت مسطرة في دفتر التحملات والشروط التي التزم بها مقابل الاستفادة من هذا القرض. وضمن دفتر التحملات هذا فرضت الحكومة سلسلة من الإجراءات التقشفية من ضمنها جز ملايير الدراهم من الاستثمارات العمومية في سبيل تقليص عجز الموازنة الى المستوى الذي فرضه صندوق النقد الدولي، وهو ما انعكس سلبا على المقاولات وعلى فرص الشغل، ومن بينها أيضا رفع الدعم العمومي عن مجموعة من المواد الطاقية الذي كان وراء الزيادات المتوالية في إطار »مسلسل إصلاح المقاصة« الذي قالت عنه لاغارد إنها »راضية عنه« ..وبالتالي فإن أي تجديد للتعاقد بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، لن يكون إلا في ظل دفتر تحملات جديد سيؤدي المغاربة بالضرورة تكاليفه من معيشهم اليومي، علما بأن مديونية المغرب وصلت هي الأخرى إلى سقف غير مسبوق ما يجعل البلاد أكثر فأكثر تحت رحمة المؤسسات المانحة. وقد رفعت الخرجات المتكررة للحكومة لطلب الديون الخارجية، مخزون الدين العمومي الخارجي ب 22 مليار درهم خلال السنة الماضية، ليصل إلى 234.7 مليار درهم بدل 212.7 المسجلة في دجنبر 2012، حيث أن المديونية الخارجية للخزينة العامة ارتفعت هي الأخرى ب 12.9 مليار درهم، بينما ارتفعت المديونية الخارجية للمؤسسات العمومية ب9.1 مليار درهم، وهو ما يجعل مديونية الخزينة العامة تمثل 55.3 من مجموع الدين الخارجي للبلاد.