بعزم وقوة بدنية صلبين، تحول أليكسيس سانشيس، مهاجم منتخب تشيلي، من نجم صاعد إلى قائد حقيقي، تعول عليه بلاده في كأس العالم لكرة القدم 2014 . وقطع سانشيس مشوارا طويلا من غسل السيارات في تشيلي، ليتمكن من إعالة نفسه والصعود إلى مصاف أبرز المهاجمين في العالم. لأن الموارد ضئيلة في مدينته توكوبيا، حيث ولد عام 1988، جعله يغسل السيارات، ومنحه العمدة حذاء كرة القدم الأول. وقال في حديث صحافي: "لو لم ألعب كرة القدم لكنت أغسل السيارات وأدفع العربات حتى الآن" . وتفجرت موهبة الطفل المنطوي على ذاته، فلفت أنظار فريق كوبريلوا المحلي، الذي ضمه عندما كان في السادسة عشرة من عمره. ثم خطف أودينيزي الايطالي سانشيس في سن المراهقة، قبل أن يعيره لسنتين إلى كولوكولو وريفر بلايت الأرجنتيني، فظهرت موهبته على الساحة الدولية في مونديال 2010 : "في كأس العالم كنت متحررا وناضجا بنسبة 80 % " . وبعد جنوب إفريقيا اختير أفضل لاعب في الدوري الايطالي 2011، برغم أن فريقه ليس من القوى الكبرى في "سيري أ" على غرار يوفنتوس وميلان وأنتر ميلان وروما، وقاده للتأهل إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا في 2011 . وجذب أداؤه الصاخب انتباه برشلونة الاسباني، فأنفق 26 مليون يورو من أجل ضمه لمدة خمس سنوات، وأصبح اللاعب الهادئ البعيد عن صخب الفضائح، أول تشيلي يحمل ألوان النادي الكاتالوني. وكانت السنوات الثلاث الأخيرة صعبة لسانشيس في تشكيلة تضم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ولم ينجح في الوصول إلى قمة عطائه، فسخرت منه بعض وسائل الإعلام الاسبانية عندما وصف نفسه ب "اللاعب الرائع" . واستعاد سانشيس في عمر الخامسة والعشرين هيبته في الموسم الأخير، فسجل أهدافا حاسمة ساهمت في حفظ ماء وجه فريقه (19 هدفا)، لكنه لم يصل بعد ليكون العلامة الفارقة في المباريات الكبرى محليا وأوروبيا. سعت عدة أندية لضمه إلى صفوفها على غرار يوفنتوس الايطالي وأرسنال الانكليزي. لكن مع بلاده حيث لا وجود لميسي وأندريس إنييستا وتشافي وفابريغاس والبرازيلي نيمار وبيدرو، يبدو زعيم خط الهجوم: "أشعر بأني متحرر أكثر مع تشيلي، لأن طريقة اللعب مختلفة. العمل أقل تطلبا في برشلونة، في المنتخب الوطني أتعب ثلاث مرات أكثر ، لأن اللعبة تتقدم وترجع إلى الوراء طوال الوقت. برشلونة فريد من نوعه، ولا يوجد فريق في العالم يلعب مثله. لن يكون هناك أي فريق في تاريخ اللعبة يمتلك هذه الموهبة ". وبعد عشر سنوات على بداية مسيرته الاحترافية، أصبح أليكسيس قائدا وطنيا مع منتخب بلاده، حيث استهل مشواره بعمر الثامنة عشرة وخاض حتى الآن 66 مباراة دولية. وسجل "نينيو مارافيا" (الفتى المعجزة) 22 هدفا مع منتخب لا روخا حتى الآن، بفضل أسلوب لعبه السريع، تقنيته العالية وقدرته على الاختراق، فأصبح من أفضل اللاعبين في مركزه على الجهة اليمنى، وأكبر دليل على ذلك هدفه من زاوية ضيقة في مرمى أتلتيكو مدريد في المباراة الحاسمة على لقب الدوري الاسباني، والتي انحنى فيها فريقه. هذا الشاب الخجول لا يخشى التأكيد من أن يصبح معولا عليه في قيادة بلاده إلى القمة وقال: "أعتقد أن تشيلي ستفوز يوما ما بكأس العالم، وإلا سنبقى في البيت ونشاهدها على الشاشة" . ويحلم سانشيس بالسير على خطى الهدافين التاريخيين الرهيب إيفان زامورانو ومارسيلو سالاس، وستكون الفرصة متاحة له على الأراضي البرازيلية.